للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونسيه عوف -ودعا عليا، وقال: "اذهبا فابتغيا الماء". فانطلقنا فتلقينا امرأة بين مزادتين أو سطيحتين من ماء، فجاءوا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستنزلوها عن بعيرها


مات سنة خمسمائة وله مائة وعشرون سنة، روى له الستة، "ونسيه عوف" بالفاء الأعرابي، العبدي، البصري، ثقة، رمي بالقدر وبالتشيع، مات سنة ست أو سبع وأربعين ومائة، وله ست وثمانون.
قال الحافظ: وفلان الذي نسيه هو عمران بن حصين، بدليل قوله عند مسلم: ثم عجلني النبي صلى الله عليه وسلم في ركب بين يديه نطلب الماء، ودلت هذه الرواية على أنه كان هو وعلي فقط؛ لأنهما خوطبا بلفظ التثنية، ويحتمل أنه كان معهما غيرهما على سبيل التبعية لهما، فيتجه إطلاق لفظ ركب وخصا بالخطاب؛ لأنهما المقصودان بالإرسال. "ودعا عليا" هو ابن أبي طالب، وقال: "اذهبا فابتغيا" بموحدة، ففوقية من الابتغاء، وللأصيلي: فابغيا من الثلاثي وهمزته للوصل، ولأحمد فابغيانا، "الماء" والمراد: الطلب، يقال: ابتغا الشيء طلبه، وابغ الشيء، أي: تطلبه لي، وفيه الجري على العادة في طلب الماء وغيره، وأن التسبب في ذلك لا يقدح في التوكل، "فانطلقنا، فتلقينا امرأة", وفي علامات النبوة من رواية سلم، بفتح فسكون عن أبي رجاء عن عمران فبينما نحن نسير إذا نحن بامرأة سادلة رجليها "بين مزادتين" بفتح الميم والزاي: قرية كبيرة فيها جلد من غيرها، وتسمى أيضًا السطيحة، "أو سطيحتين" بفتح السين، وكسر الطاء المهملتين، تثنية سطيحة بمعنى المزادة، أو وعاء من جلدين، سطح أحدهما على الآخر، قال الحافظ: وأو هنا شك من عوف لخلو رواية سلم عن أبي رجاء عنها، أي: حيث جزم بقوله بين مزادتين، قال: والمراد بهما الرواية، زاد المصنف: أو القربة الكبيرة سميت بذلك، لأنه يزاد فيها جلد آخر من غيرها، انتهى.
وظاهر حديث الصحيحين هذا؛ أنهما يجدان امرأة بمكان كذا، معها بعير عليه مزادتان الحديث، فوجداها وأتيا بها، قال شارحه: ولم يسم أحد هذه المرأة إلا أنها أسلمت، ولا المكان "من ماء" على بعير لها، فقالا لها: أين الماء؟ فقالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة، ونفرنا خلوف، فقالا لها: انطلقي إذن، قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله، قالت: الذي يقال الصابئ، قالا: هو الذي تعنين فانطلقي، هكذا في الصحيح قبل قوله: "فجاءا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم" وحدثاه الحديث؛ كما في الرواية، أي: الذي كان بينهما وبينها، "فاستنزلوها عن بعيرها" أي: طلبوا منها النزول عنه، وجمع باعتبار من تبع عليًا وعمران ممن يعينهما، قال بعض الشراح المتقدمين: إنما أخذوها واستجازوا أخذ مائها، لأنها كانت حربية، وعلى فرض أن يكون لها عهد، فضرورة العطش تبيح للمسلم الماء المملوك لغيره على عوض وإلا فنفس الشارع

<<  <  ج: ص:  >  >>