للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الله هو الذي أسقانا، فأتت أهلها فقالت: العجب، لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الرجل الذي يقال له الصابئ ففعل كذا وكذا، فوالله إنه لأسحر الناس كلهم أو إنه لرسول الله حقًا، فقالت يومًا لقومها: ما أرى أن هؤلاء يدعونكم عمدًا فهل لكم في الإسلام. الحديث.

وعن أبي قتادة.


ما أخذوه مما زاده الله وأوجده وأنه لم يختلط فيه شيء من مائها في الحقيقة، وإن كان في الظاهر مختلطًا، وهنا أبدع وأغرب في المعجزة، وهو ظاهر قوله: "ولكن الله هو الذي أسقانا" بالهمز، ولابن عساكر: سقانا، ويحتمل أن المعنى: ما نقصنا من مقدار مائك شيئًا، وفيه إشارة إلى أن الذي أعطاها ليس على سبيل العوض من مائها, بل على سبيل التكرم والتفضل، وجواز استعمال أواني المشركين ما لم تتيقن فيها النجاسة، "فأتت أهلها" وقد احتبست عنهم، فقالوا: ما حبسك يا فلانة؟ هذا أسقطه من الحديث قبل قوله: "فقالت" حبسني "العجب، لقيني رجلان، فذهبا بي إلى هذا الرجل الذي يقال له الصابئ، ففعل كذا وكذا" حكت لهم ما فعل، "فوالله إنه لأسحر الناس كلهم" لفظ البخاري: إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه، وقالت بإصبعيها الوسطى والسبابة، فرفعتهما إلى السماء، تعني: السماء والأرض، "أو إنه لرسول الله حقًا" هذا منها ليس بإيمان الشك، لكنها أخذت في النظر، فأعقبها الحق فآمنت بعد ذلك، وأسقط من الحديث: فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين، ولا يصيبوا الصرم الذي هي منه، "فقالت" المرأة "يومًا لقومها: ما" موصول "أرى" بفتح الهمزة، بمعنى: أعلم، أي: الذي اعتقد "أن" بالفتح مثقلا، "هؤلاء يدعونكم" من الإغارة "عمدًا" لا جهلا، ولا نسيانًا، ولا خوفًا نكم، بل مراعاة لما سبق بيني وبينهم، وهذه الغاية في مراعاة الصحبة القليلة، فكان هذا القول سبب رغبتهم في الإسلام؛ كذا رواه أبو ذر بلفظ أن الثقيلة، ورواه الأكثرون: ما أرى هؤلاء القوم يدعونكم عمدًا، بفتح همزة أرى وإسقاط أن، ووجهها بما ذكر ابن مالك، ولابن عساكر: ما أرى، بضم الهمزة، أي: أظن أن بكسر الهمزة، وللأصيلي وابن عساكر: ما أدري بدال بعد الألف أن بالفتح والتشديد في موضع المفعول، والمعنى: ما أدري ترك هؤلاء إياكم عمدًا لماذا هو، "فهل لكم" رغبة "في الإسلام الحديث" بقيته في الصحيحين: فأطاعوها، فدخلوا في الإسلام، وما كان يزيد الكتاب بهذة البقية، وللناس فيما يعشقون، والله أعلم.
"وعن أبي قتادة" الحارث، أو عمرو، أو النعمان بن ربعي، بكسر الراء، وسكون الموحدة الأنصاري، السلمي، بفتحتين المدهني، شهد أحدًا وما بعدها، ولم يصح شهوده بدرًا، ومات سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>