للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودعا بالميضأة فجعل يصب وأبو قتادة يسقيهم فلم يعد أن رأى الناس ماء في الميضأة فتكابوا عليها، فقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: "أحسنوا الملء كلكم سيروى"، قال: ففعلوا، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب وأسقيهم، حتى ما بقي غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صب فقال لي: "اشرب"، فقلت: لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله، فقال: "إن ساقي القوم آخرهم"، قال: فشربت وشرب، الحديث رواه مسلم.


المعجمة: وفتح الميم وبالراء، يعني: قدحي، فحللته فأتيته به، قال: "ودعا بالميضأة فجعل" صلى الله عليه وسلم "يصب" في قدحه، "وأبو قتادة يسقيهم، فلم يعد" بفتح الياء، وإسكان العين "أن رأي الناس" أي: لم يتأخروا زمنًا عن رويتهم "ماء" بالتنويم "في الميضأة، فتكابوا" أي: ازدحموا، وفي رواية أحمد: فازدحم الناس "عليها" بمجرد رؤية الماء لشدة عطشهم، "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحسنوا الملء" بفتح الميم وكسرها، وسكون اللام والهمز، أي: لأوانيكم، فلا تزدحموا على الأخذ "كلكم سيروى" ولأحمد: كلكم سيصدر عن ري، "قال: ففعلوا" أي: تركوا الازدحام، "فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب" في قدحه "وأسقيهم" ولأحمد: فشرب القوم، وسقوا دوابهم وركابهم، وملئوا ما كان معهم من إداوة وقربة ومزادة، "حتى ما بقي غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صب، فقال لي: "اشرب"، فقلت: لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله، قال: "إن ساقي القوم آخرهم". "قال: فشربت وشرب" رسول الله صلى الله عليه وسلم، "الحديث"، بقيته: وأتى الناس الماء جامين رواء، قال: فقال عبد الله بن رباح: إني لأحدث هذا الحديث في مسجد الجامع، إذ قال عمران: انظر أيها الفتى كيف تحدث، فإني أحد الركب تلك الليلة، قال: قلت: فأنت أعلم بالحديث، قال: ممن أنت؟ قلت: من الأنصار، قال: حدث، فأنت أعلم بحديثكم، قال: فحدثت القوم، فقال عمران: لقد شهدت تلك الليلة وما شعرت أن أحدًا حفظه كما حفظته، "رواه مسلم" في الصلاة من حديث ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة، وحذف المصنف منه كثيرًا، كما رأيت واحتج بآخره من قال باتحاده مع قصة عمران؛ لأنه صدق عبد الله في تحديثه، وأجيب: بأن عمران حضر القصتين، فحدث بإحداهما، وصدق عبد الله لما حدث عن أبي قتادة بالأخرى.
قال في الشفاء: وذكر الطبري، يعني ابن جرير، حديث أبي قتادة على غير ما ذكره أهل الصحيح، وأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ممدًا لأهل مؤتة عندما بلغه قتل الأمراء، وذكر حديثًا طويلا فيه معجزات وآيات وفيه إعلامهم أنهم يفقدون الماء غدًا، وذكر حديث الميضأة، قال: والقوم زهاء ثلاثمائة، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>