للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أنس قال: أصابت الناس سنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في يوم الجمعة، قام أعرابي فقال: يا رسول الله، هلك المال وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه وما نرى في السماء قزعة، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته، فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد ومن بعد الغد، حتى الجمعة الأخرى


"وعن أنس، قال: أصابت الناس سنة" بفتح السين المهملة، أي: شدة وجهد من الجدب "على عهد" أي: زمن "رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في يوم الجمعة" خطبة الجمعة على المنبر، "قام أعرابي" من سكان البادية لا يعرف اسمه، قال المصنف.
وقال الحافظ: لم أقف على تسميته في حديث أنس، وروى أحمد عن كعب بن مرة ما يمكن أن يفسر المبهم بأنه كعب.
وروى البيهقي ما يمكن أن يفسر بأنه خارجة بن حصن الفزاري، ولكن رواه ابن ماجه من طريق شرحبيل بن السمط، أنه قال لكعب بن مرة: يا كعب حدثنا عن رسول الله، قال: جاء رجل، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم استسق، فرفع يديه، ففي هذا أنه غير كعب، "فقال: يا رسول الله" فيه أنه كان مسلمًا، فانتفى زعم أنه أبو سفيان بن حرب؛ لأنه حين سؤاله لذلك لم يكن أسلم، فهي واقعة أخرى؛ كما في الفتح. "هلك المال" الحيوانات لفقد ما ترعاه، فليس المراد الصامت.
وفي رواية: هلكت المواشي، وأخرى: الكراع، بضم الكاف، يطلق على الخيل وغيرها، "وجاع العيال" لعدم وجود ما يعيشون به من الأقوات المفقودة بحبس المطر، "فادع الله لنا" أن يغيثنا، "فرفع يديه" زاد في رواية: حذاء وجهه، ولابن خزيمة عن أنس: حتى رأيت بياض إبطيه.
وزاد النسائي: ورفع الناس أيديهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون، "وما نرى في السماء قزعة" بقاف وزاي، وعين مهملة مفتوحات: قطعة من سحاب متفرق، أو رقيقه الذي إذا مر تحت السحب الكثيرة كان كأنه ظل، قال ابن سيده: القزع قطع من السحاب رقاق.
زاد أبو عبيد: وأكثر ما يجيء في الخريف، قال أنس: "فوالذي نفسي بيده ما وضعها" أي: يديه، وللكشميهني: ما وضعهما، أي: يديه "حتى ثار" بمثلثة، أي: هاج وانتشر "السحاب أمثال الجبال" لكثرته، "ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر" ينحدر، أي: ينزل ويقطر "على لحيته" الشريفة، "فمطرنا" بضم الميم وكسر الطاء، أي: حصل لنا المطر "يومنا" نصب على الظرفية، أي: في يومنا "ذلك، ومن الغد" من للتبعيض، أو بمعنى في، "ومن بعد الغد" والذي يليه "حتى الجمعة الأخرى" بالجر في الفرع، وأصله: على أن حتى جارة، ويجوز النصب عطفًا

<<  <  ج: ص:  >  >>