للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة، وذكر الحديث أنه عجن صاع، وصنعت شاة فشوي سواد بطنها، قال: وايم الله، ما من الثلاثين ومائة إلا وقد حز له حزة من سواد بطنها، ثم جعل منها قصعتين فأكلنا


وصححوه، وأبو نعيم" في الدلائل، وفي فتح الباري، روى أحمد، والترمذي، والنسائي عن سمرة، قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقصعة فيها ثريد، فأكل وأكل القوم، فلم يزالوا يتداولونها إلى قريب الظهر، يأكل قوم، ثم يقومون ويجيء قوم فيتعاقبونه، فقال رجل: هل كانت تمد بطعام؟ قال: أما من الأرض فلا، إلا أن تكون كانت تمد من السماء، قال بعض شيوخنا: يحتمل أن تكون هذه القصعة هي التي وقع فيها ما وقع في بيت أبي بكر، انتهى.
"وفي حديث عبد الرحمن بن أبي بكر" الصديق، شقيق عائشة تأخر إسلامه إلى قبيل الفتح، وشهد اليمامة والفتوح، ومات سنة ثلاث وخمسين في طريق مكة فجأة، وقيل: بعد ذلك: "قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم" حال من اسم كان، والخبر "ثلاثين ومائة" أو هما خبران، أي: خبر بعد خبر، "وذكر الحديث" وهو: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هل مع أحد منكم طعام"؟. فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه، فعجن، ثم جاء رجل مشرك مشعان، طويل جدًا بغنم يسوقها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بيعًا أم عطية"؟، أو قال: "أم هبة"؟ قال: لا بل بيع، فاشترى شاة، فصنعت وأمر النبي صلى الله عليه وسلم، بسواد البطن أن يشوى، وايم الله ما في الثلاثين ومائة إلا وقد حز له النبي صلى الله عليه وسلم حزة من سواد بطنها، إن كان شاهدًا أعطاه إياه، وإن كان غائبًا خبأ له، فجعل منها قصعتين، فأكلوا أجمعون، وشبعنا، ففاضت القصعتان، فحملنا على بعير، وكما قال: هذا لفظ البخاري في الهبة، ومشعان، بضم الميم، وسكون الشين المعجمة، فعين مهملة، فألف، فنون مشددة، وقوله: طويل جدًا، أي: فوق الطوال، ويحتمل أنه تفسير للمشعان.
وقال القزاز: المشعان: الجافي الثائر الرأس، وقال غيره: طويل شعر الرأس جدًا، البعيد العهد بالدهن أشعث، وقال عياض: ثائر الرأس متفرقه.
قال الحافظ: ولم أقف على اسمه، ولا على اسم صاحب الصاع، فقوله: "أنه" أي: وفيه أنه، "عجن صاع وصنعت" أي: ذبحت "شاة، فشوى سواد بطنها" كبدها خاصة أو حشوها، والأول أظهر، وخص لأنه أصل الحياة، "قال" عبد الرحمن: "وايم الله" بوصل الهمزة، قسم، "ما من الثلاثين ومائة" الذين كانوا معه عليه الصلاة والسلام "إلا وقد حز" بفتح الحاء المهملة، "له حزة" بفتح المهملة قطعة؛ كما ضبطه المصنف في الهبة.
وقال في الأطعمة: بضم الحاء قطعة "من سواد بطنها، ثم جعل منها قصعتين فأكلنا" لفظ البخاري في الأطعمة، ولفظه في الهبة: فأكلوا "أجمعون" تأكيدًا للضمير الذي في أكلوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>