للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصيبت يوم أحد عين قتادة بن النعمان حتى وقعت على وجنته، فأتى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن لي امرأة أحبها وأخشى إن رأتني تقذرني فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وردها إلى موضعها، وقال: "اللهم اكسه جمالا"، فكانت أحسن عينيه وأحدهما نظرًا، وكانت لا ترمد إذا رمدت الأخرى.

وقد وفد على عمر بن عبد العزيز رجل من ذريته فسأل عمر: من أنت؟ فقال:

أبونا الذي سالت على الخد عينه ... فردت بكف المصطفى أيما رد


وروى ابن أبي شيبة عن أم جندب، أنه صلى الله عليه وسلم أتته امرأة من خثعم، معها صبي به بلاء لا يتكلم، فأتى بماء فمضمض فاه، وغسل يديه، وأعطاه إياه، وأمرها بسقيه، ومسحه به، فبرأ الغلام، وعقل عقلا يفضل عقول الناس، والمتبادر أن هذه قصة أخرى غير التي ذكرها المصنف لما بينهما من الخلاف، فلا وجه لجعلهما واحدة، "وأصيبت" بالتأنيث بسهم، ويقال: برمح، وفي نسخ: أصيب بالتذكير للتأويل بالعضو، أو للفصل بينهما بقوله: "يوم أحد" وهو مسوغ؛ كقوله: لا يقبل منها شفاعة في قراءة التحتية، "عين قتادة بن النعمان" بن زيد الأوسي، المدني، أخي أبي سعيد لأمه، شهد بدرًا وغيرها، ومات سنة ثلاث وعشرين على الصحيح، وصلى عليه عمر، ونزل في قبره، وما رواه أبو يعلى أن أبا ذر أصيبت عينه يوم أحد، فأعله ابن عبد البر؛ بأن فيه عبد العزيز بن عمران متروك، وبأن أبا ذر لم يحضر بدرًا، ولا أحدًا، ولا الخندق، "حتى وقعت على وجنته" أعلى خده وما يلي العين من الوجه، وتطلق على الوجه كله، وفي رواية: فسالت حدقته على وجنته، وأخرى صارت في يده، "فأتى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال": $"إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت رددتها ودعوت الله لك، فلم تفقد منها شيئًا" فقال: "يا رسول الله! " إن الجنة لجزاء جميل، وعطاء جليل، ولكني رجل مبتلي بحب النساء، "وإن لي امرأة أحبها، وأخشى إن رأتني تقذرني" أي: تكرهني ولكن تردها، وتسأل الله لي الجنة، قال: "أفعل يا قتادة" "فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وردها إلى موضعها، وقال: "اللهم اكسه جمالا". "فكانت أحسن عينيه" أجملهما وأقواهما حسنًا، أي: أحسن عينيه قبل ما أصيبت وردت، فلا يرد أن الشيء لا يكون أحسن من نفسه، "وأحدهما" أقواهما "نظرًا، وكانت لا ترمد إذا رمدت الأخرى".
وفي رواية: وكان لا يدري أي عينيه أصيبت، "وقد وفد على عمر بن عبد العزيز" الإمام العادل في خلافته، "رجل من ذريته" هو حفيده عاصم بن عمر بن قتادة، "فسأله عمر: من أنت؟ فقال" على البديهة: "أبونا" رواية الأصمعي وغيره:

<<  <  ج: ص:  >  >>