للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرفعه الله مكانًا عليًا، فأعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المعراج، ورفع إلى مكان لم يرفع إليه غيره.

وأما نوح عليه الصلاة والسلام فنجاه الله تعالى ومن آمن معه من الغرق ونجاه من الخسف، فأعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه لم تهلك أمته بعذاب من السماء. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: ٣٣] .

وأما قول الفخر الرازي في تفسيره: "أكرم الله تعالى نوحًا بأن أمسك سفينته على الماء وفضل محمد صلى الله عليه وسلم أعظم منه. روي أنه صلى الله عليه وسلم كان على شط ماء وقعد عكرمة بن أبي


يارد بن مهلائيل، بن قينان، بن أنوش، بن شيث، بن آدم، وهو أبو جد نوح، كذا ذكر المؤرخون، قال المازري: فإن قام دليل على أنه أرسل، لم يصح قولهم لحديث الصحيحين: "ائتوا نوحًا، فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض"، وإن لم يقم جازمًا، قالوا: وحمل على أنه كان نبيًا ولم يرسل، وأجيب بأن حديث أبي ذر عند ابن حبان يدل على أن آدم وإدريس رسولان، فالمراد أول رسول بعثه الله بالإهلاك وإنذار قومه، فأما رسالة آدم وشيث وإدريس، فإنما هي رسالة تبليغ الإيمان وطاعة الله، لأنهم لم يكونوا كفارًا "فرفعه الله مكانًا عليًا" قيل: هو الجنة، وقيل: السماء الرابعة، كما ورد في حديث المعراج، وقيل: السادسة، واختلف في أنه في السماء ميت أو حي، وقيل: المراد شرف النبوة والزلفى عند الله، "فأعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المعراج، ورفع إلى مكان لم يرفع إليه غيره" لا رسول ولا ملك.
"وأما نوح عليه الصلاة والسلام" ابن لمك، بفتح اللام، وسكون الميم، وكاف، ابن متوشلخ، بفتح الميم، وضم الفوقية الثقيلة، وسكون الواو، وفتح الشين المعجمة، وإسكان اللام، وآخره خاء معجمة، "فنجاه الله تعالى ومن آمن معه" وما آمن معه إلا قليل، قيل: كانوا ستة رجال ونساءهم، وقيل: كانوا ثمانين، نصفهم رجال، ونصفهم نساء، وهم أصحاب السفينة، "من الغرق، ونجاه من الخسف، فأعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه لم تهلك أمته بعذاب من السماء" لأنه رحمة، "قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} الآية، لأن العذاب إذا نزل عم، ولم نعذب أمة إلا بعد خروج نبيها والمؤمنين منها، هكذا في التفسير، ولا يلائمه سياق المصنف.
"وأما قول الفخر الرازي في تفسيره: أكرم الله تعالى نوحًا؛ بأن أمسك سفينته على الماء، وفضل محمد صلى الله عليه وسلم أعظم منه، روي أنه صلى الله عليه وسلم كان على شط ماء، وقعد عكرمة بن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>