للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهل فقال: إن كنت صادقًا فادع ذلك الحجر الذي في الجانب الآخر فليسبح ولا يغرق، فأشار إليه صلى الله عليه وسلم فانقلع الحجر من مكانه وسبح حتى صار بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وشهد له بالرسالة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يكفيك هذا"؟ , فقال: حتى يرجع إلى مكانه. فلم أره لغيره والله أعلم بحاله.

وأما إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام فكانت عليه نار نمرود بردًا وسلامًا، فأعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نظير ذلك، إطفاء نار الحرب عنه عليه الصلاة والسلام وناهيك بنار حطبها السيوف ووهجها الحتوف وموقدها الجسد ومطلبها الروح والجسد.


جهل" المسلم في فتح مكة، "فقال: إن كنت صادقًا فادع ذلك الحجر الذي في الجانب الآخر، فليسبح" يعوم على الماء، "ولا يغرق، فأشار إليه عليه الصلاة والسلام، فانقلع الحجر من مكانه، وسبح حتى صار بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وشهد له بالرسالة فقال النبي صلى الله عليه وسلم" لعكرمة: "يكفيك هذا"؟ , "فقال: حتى يرجع إلى مكانه، فلم آره لغيره، والله أعلم بحاله" أي: الحديث هل هو وارد، أم لا؟
"وأما إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، فكانت عليه نار نمرود" بالدال مهملة، ومعجمة، وهو أصح لموافقته للقاعدة المنظومة في نحو قوله:
إن تلت الدال صحيحًا ساكنا ... أهملها الفرس وإلا أعجموا
"بردًا وسلامًا" أي: ذات برد وسلام، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، أي: ابردي بردًا غير ضار، ولو لم يقل سلامًا لمات من بردها، فذهبت حرارتها، وبقيت إضاءتها، ولم يحترق غير وثاقه، والقصة طويلة في التفاسير والتواريخ، "فأعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نظير ذلك إطفاء نار الحرب عنه عليه الصلاة والسلام"، أي: إبطال مكائدهم التي كانوا يديرونها لحربه بأن يوقع بينهم منازعة يكفون بها عنه شرهم، "وناهيك" أنهاك "بنار حطبها" أي: المستعان به فيها، بحيث يؤثر هلاك الأعداء، وهو "السيوف" فهي مستعملة في حقيقته والحطب مجاز عن الأسباب المؤثرة فيها، "ووهجها" بفتحتين حرها "الحتوف" جمع حتف وهو الهلاك، والمعنى: أن الأسباب المؤثرة هي السيوف والآثار المترتبة عليها، المشبهة لحرارة النار في التأثير هي الهلاك، "وموقدها" أي: السبب في وجودها "الحسد ومطلبها" مصدر ميمي بمعنى اسم المفعول، أي: الأمر الذي أريد بتلك الحروب وبآثارها هو "الروح والجسد" والمعنى: أنهاك بنار موصوفة بما ذكر عن تطلب معجزة تقاوم نار الخليل غير هذه، أي: إنها

<<  <  ج: ص:  >  >>