للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: كنت طفلا فانصب القدر علي واحترق جلدي كله، فحملني أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفل عليه الصلاة والسلام في جلدي ومسح بيده على المحترق وقال: "أذهب البأس رب الناس"، فصرت صحيحًا لا بأس بي.


أمه أم جميل، وعنه أولاده إبراهيم، وعمر، والحارث، وغيرهم ومات سنة أربع وسبعين، وقيل: سنة ست وثمانين، "قال: كنت طفلا، فانصبت القدر" التي كانت أمه تطبخ فيها "على" أي: على ذراعي، "واحترق جلدي كله، فحملني أبي" فيه، إن أباه مات بأرض الحبشة، وقدمت بها جميل القرشية، العامرية، من السابقات المهاجرات إلى المدينة مع أهل السفينة، كما في الإصابة وغيرها، والذي في الروايات أن الآتي به "إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" أمه، فإن كان لفظ أبي محفوظًا فلعله أراد به أباه من الرضاعة جعفر بن أبي طالب، فقد ذكر ابن أبي خيثمة، كما في الإصابة، أن أسماء بنت عميس أرضعت محمد بن حاطب مع ابنها عبد الله بن جعفر، وأرضعت أم محمد عبد الله بن جعفر، فنسب القدوم إليه تارة، وإلى أمه أخرى، "فتفل عليه الصلاة والسلام في جلدي، ومسح بيده على المحترق" أي: المواضع التي مستها النار، فأثرت فيها، ولا ينافيه قوله قبل: احترق جلدي كله، لجواز أن ما جاور ما مسته النار من جلده، صار إليه ألم مما مسته النار، فسماه محروقًا كله لوصول الألم إليه، وال: "أذهب البأس" بالموحدة، أي: الشدة، أي ما أصاب جلده من أثر النار عن هذا يا "رب الناس" والجملة دعائية، "فصرت صحيحًا لا بأس بي".
وأخرج الإمام أحمد والبخاري في التاريخ، والنسائي وغيرهم، عن محمد، بن حاطب عن أمه أم جميل، قالت: أقبلت بك من أرض الحبشة حتى إذا كنت من المدينة على ليلة أو ليلتين طبخت لك طبيخًا، ففي الحطب، فخرجت أطلب الحطب، فتناولت القدرة، فانكفأت على ذراعك، فأتيت بك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! هذا ابن أخيك، وقد أصابه هذا الحرق من النار، فادع له، وفي رواية: فقلت: هذا محمد بن حاطب، وهو أول من سمي بك، قالت: فمسح على رأسك، ودعا لك بالبركة، وجعل يتفل على يدك، وهو يقول: "أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما"، قالت: فما قمت بك من عنده حتى برأت يدك، وقد خمدت نار فارس لنبينا، وكان لها ألف عام لم تخمد.
وروى ابن سعد عن عمرو بن ميمون، قال: أحرق المشركون عمار بن ياسر بالنار، فكان صلى الله عليه وسلم يمر به، ويمر يده على رأسه، فيقول: "يا نار كوني بردًا وسلامًا على عمار، كما كنت على إبراهيم، تقتلك الفئة الباغية".
وروى أبو نعيم عن عباد بن عبد الصمد: أتينا أنس بن مالك، قال: يا جارية هلمي المائدة

<<  <  ج: ص:  >  >>