للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم، فأمر الله تعالى نبيه عليه السلام أن يشاورهم، فإن ذلك أعطف لهم وأذهب لأضغانهم، وأطيب لنفوسهم.

وقال الحسن: قد علم الله أن ما به إليهم حاجة، ولكن أراد أن يستن به من بعده.

وحكى القاضي أبو يعلى، في الذي أمر بالمشاورة فيه قولين: أحدهما: في أمر الدنيا خاصة، والثاني: في أمر الدين والدنيا وهو الأصح، قاله المعافي بن زكريا في تفسيره.

والحكمة في المشاورة في الدين التنبيه لهم على علل الأحكام، وطريق الاجتهاد.

وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: لما نزلت: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إن الله ورسوله لغنيان عنها ولكن الله جعلها رحمة لأمتي".


عليهم، فأمر الله تعالى نبيه عليه السلام أن يشاورهم، فإن ذلك أعطف لهم" أي: أشد عطفًا، أي: إمالة لقلوبهم إلى رأيه صلى الله عليه وسلم "وأذهب لأضغانهم" أي: حقدهم، أي ما يقوم في نفوس القاصرين من عدم الميل إلى ما يشير عليهم به من أمر الحرب ونحوه، "وأطيب لنفوسهم".
"وقال الحسن" البصري: "قد علم الله أن ما به إليهم حاجة، ولكن أراد أن يستن" أي يقتدي "به ومن بعده".
"وحكى القاضي أبو يعلى في الذي أمر بالمشاورة فيه قولين، أحدهما: في أمر الدنيا خاصة، والثاني: في أمر الدين والدنيا وهو الأصح".
وقد كان صلى الله عليه وسلم كثير المشاورة، "قال المعافى بن زكريا" بن يحيى بن حميد الحافظ، العلامة المفسر، الثقة، النهرواني، كان على مذهب ابن جرير، ولذا يقال له الجريري "في تفسيره، والحكمة في المشاورة في الدين التنبيه لهم على علل الأحكام، وطريق الاجتهاد" فلا يرد أنه لا معنى للقول الأصح؛ لأنه لا يرجع إلى مشورتهم لو أشاروا بخلافه.
"وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب، عن ابن عباس قال: لما نزلت {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما" بتخفيف الميم، "إن الله ورسوله لغنيان عنها" قال ابن مالك في شرح كافيته: يجوز كسر إن بعد أما، مقصودًا بها معنى ألا الاستفتاحية، فإن قصد بها معنى حقًا فتحت، "ولكن الله جعلها رحمة لأمتي" تطييبًا لنفوسهم وتسهيلا لاعتياد ذلك واتباعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>