أما المداهنة، وهي بدل الدين لصلاح الدنيا، فمحرمة، وأمره بالمداراة لا يعارض أمره بالإغلاظ على الكفار وبعثه بالسيف، لأن المداراة تكون أولا، فإن لم تفد، فالإغلاظ، فإن لم يفد فالسيف. "ومنها: مصابرة العدو" أي قتال الكفار "وإن كثر عددهم" جدًا، قال بعض أصحابنا: ولو أهل الأرض، لأن الله وعده بالعصمة من الناس، ولأنه كما قال الرازي من العلم بأعلى مكان، كبقية الرسل، فيعلمون أنه لا يتعجل شيء عن وقته، ولا يتأخر شيء عن وقته بخلاف غيرهم من المكلفين، فليس لهم مثل هذا الإيمان، ولا مثل هذا اليقين. قال الجلال البلقيني: وهو حسن إقناعي، زاد الأنموذج: وإذا بارز رجلا في الحرب لم يول عنه قبل قتله. "ومنها: تغيير المنكر" وهو ما قبحه الشرع قولا أو فعلا ولو صغيرة، "إذا رآه" مطلقًا، ووجه الخصوصية أنه فرض عين عليه بخلاف غيره، فكفاية الجرجاني وغيره، ففي قوله: "لكن قد يقال كل مكلف تمكن من تغييره يلزمه تغييره" شيء، لأنه كفائي، "فيقال" في دفع هذا الاستدراك: "المراد أنه لا يسقط عنه صلى الله عليه وسلم بالخوف" على نفسه أو عضوه أو ماله، فإن الله وعده بالعصمة، أي: يحفظ روحه، فلا يرد نحو شج رأسه على أنه قبل نزول الآية فالعصمة محققة له، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} ، "بخلاف غيره" من الأمة، فيسقط عنه إظهار الإنكار للخوف على ما ذكر، زاد الأنموذج: ولا يسقط إذا كان المرتكب يزيده الإنكار إغراء، لئلا يتوهم