"ومنها: قضاء دين من مات مسلمًا معسرًا" لم يترك ما يوفي منه دينه، "روى مسلم" لا وجه لتخصيصه، بل البخاري، وأحمد، والنسائي، وابن ماجه "حديث" أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى الذي عليه دين، فيسأل: "هل ترك لدينه قضاء"، فإن حدث أنه ترك قضاء صلى عليه، وإلا قال: "صلوا على صاحبكم" فلما فتح الله عليه الفتح، قال: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم" في كل شيء من أمر الدارين، لأنه الخليفة الأكبر الممد لكل موجب، فيجب أن يكون أحب من أنفسهم، وإن حكمه أنفذ عليهم من حكمها. قال بعض الصوفية: وإنما كان كذلك، لأن أنفسهم تدعوهم إلى الهلاك، وهو يدعوهم إلى النجاة، فيجب عليهم إيثار الطاعة على شهوات نفوسهم، وإن شق عليهم، وأن يحيوه بأكثر من تحيتهم لأنفسهم، ومن محاسن أخلاقه السنية أنه لم يذكر ماله في ذلك من الحقوق، بل اقتصر على ما هو عليه، فقال: "فمن توفي" بالبناء للمجهول، أي: توفاه، الله، أي: مات من المؤمنين، "وعليه دين" بفتح الدال وفي رواية: فترك دينا "فعلي قضاؤه". قال ابن بطال: هذا ناسخ لتركه الصلاة على من مات وعليه دين، "ومن ترك مالا" أي: حقًّا، فالمال أغلبي إذ الحق يورث كالمال، "فلورثته" وفي رواية البخاري: فلترثه عصبته من كانوا، وهذا تفريع على الأولوية العامة له وعليه، لا تخصيص لها، كما فهمه القرطبي، فاعترض التعميم، بأنه النبي صلى الله عليه وسلم قد تولى تفسيرها، ولا عطر بعد عروس، بل أفاد فائدة حسنة، وهو أن مقتضى الأولوية مرعى في جانبه أيضًا، لكنه ترك ذكر ذلك تكرمًا، قال الداودي: المراد بالعصبة هنا الورثة لا من يرث بالتعصيب، وقيل: المراد قرابة الرجل، وهم من يلتقي مع الميت في أب ولو علا، وقال الكرماني: المراد العصبة بعد أصحاب الفروض، ويؤخذ حكمهم من ذكر العصبة بطريق الأولى، ويشير إلى ذلك قوله: من كانوا؛ فإنه يتناول أنواع المنتسبين إليه بالنفس أو بالغير، قال: ويحتمل أن تكون من شرطية. "قال النووي: كان هذا القضاء واجبًا عليه صلى الله عليه وسلم". قال ابن بطال: أي: مما يفيء الله عليه من المغانم والصدقات، قال: وهكذا يلزم المتولي لأمر المسلمين أن يفعله بمن مات وعليه دين، انتهى، وهذا هو الراجع عند الشافعية، فإن لم