"واختلف في" صفة "تخييره لهن على قولين، أحدهما: أنه خيرهن بين اختيار الدنيا فيفارقهن، وبين "اختيار الآخرة فيمسكهن ولم يخبرهن في الطلاق، وهذا قول الحسن" البصري، وقتادة بن دعامة، وأكثر أهل العلم، كما قال البغوي وهو ظاهر القرآن، قال غير واحد: وهو الصحيح لقوله تعالى: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: ٢٨] الآية، فلو اخترن الدنيا لم يقع عليه طلاق حتى يوقعه هو، "والثاني: أنه خيرهن بين الطلاق" بأن فوضه إليهن، فلو أوقعنه لوقع، "وبين المقام معه" فلا يقع عليه، "وهذا قول عائشة، ومجاهد، والشعبي" عامر بن شراحبيل، "ومقاتل". "واختلفوا في السبب الذي لأجله خير صلى الله عليه وسلم نساءه على أقوال: أحدها: أن الله تعالى خيره بين ملك الدنيا ونعيم الآخرة" فيقدمه "على" نعيم "الدنيا، فاختار الآخرة، وقال" فيما رواه ابن ماجه وغيره: "اللهم أحيني مسكينًا، وأمتي مسكينًا واحشرني" اجمعني "في زمرة" بضم الزاي: جماعة "المساكين" أي: اجعلني منهم قال اليافعي: وناهيك بهذا شرفًا، ولو قال: واحشر المساكين في زمرتي لكفاهم شرفًا، قال البيهقي: ولم يسأل مسكنة ترجع إلى القلة، بل إلى الإخبات والتواضع، ولذا قال شيخ الإسلام زكريا: معناه طلب التواضع والخضوع، وأن لا يكون من الجبابرة المتكبرين والأغنياء المترفين، وتقدم مزيد لهذا الفصل الثالث من المقصد الثالث، "فلما اختار ذلك أمره الله تعالى بتخيير نسائه ليكن على مثل