"قال" عياض: "وهذا" التفسير "أولى وجوه الحديث" التي ذكرت في توجيهه "وأشهرها: وإلى معنى ما أشرنا إليه، مال كثير من الناس، وحام حوله، فقارب ولم يرد" أي: لم يصل إليه استعارة من ورد الماء إذا أتاه ليستقي منه، وفيه إشارة إلى أن فيه شفاء العليل وثلج الصدور، وأن للنفس ظمأ إليه، وفيه بلاغة ظاهرة، "وقد قربنا غامض" أي أدنينا لمن قاربه خفي "معناه" الذي لم يتضح، "وكشفنا للمستفيد" طالب الفائدة العلمية من تجارته الرابحة "محياه" بضم الميم، وفتح الحاء، وشد الياء: وجهه الحسن شبهه بحسان مخدرة "وهو"، أي: هذا التفسير "مبني" أي: متفرع "على جواز الفترات والغفلات والسهو" على جمي الأنبياء عليهم السلام "في غير طريق البلاغ" فلا يجوز ذلك فيه لمنافاته له، وقد انتقد عليه بناؤه على هذا بأنه جعل أولا الثلاثة عبارة عن اشتغاله بأمر أمته وأهله ولا غفلة ولا فترة ولا سهو حقيقة، فكيف بناه على غير أساه، فهو كالغفلة عما قاله، "انتهى" كلام عياض. "وتعقب؛ بأنه لا ترضى نسبته صلى الله عليه وسلم إلى ذلك" حتى قيل: لا ينبغي ذكره "لما يلزم عليه من تفضيل الملائكة عليه بعدم الفترة عن التسبيح والمشاهدة" وهو خلاف الإجماع من تفضيله عليهم، وقدمنا الجواب عنه؛ بأن هذا غفلة من المتعقب؛ لأنه أشار إلى دفع هذا الاعتراض بقوله: بما كان دفع إليه ... إلخ، فلم يشتغل عن ذلك إلا لأمر الله له بهذا لما ترتب عليه من حكم وأحكام شرعية. ولقوله عليه السلام: "لست أنسى" تعليل ثان لكونه لا ترضى نسبته إلى ذلك، لأنه نفى عنه النسيان هذا ظاهره، لكن يرد عليه قوله: "ولكن أُنسَّى" بالتشديد مبني للمجهول "لأسن" فإنه ظاهر في أن ذلك لم ينشأ عن غفلة، فالأولى جعله جوابًا عن التعقب، وكأنه قال: ورد لقوله