للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه ليست فترة وإنما هي لحكمة مقصودة يثبت بها حكم شرعي، فالأولى أن يحمل على ما جعله علة فيه، وهو ما دفع إليه من مقاساة البشر وسياسة الأمة، ومعاناة الأهل، وحمل كل أعباء النبوة وحمل أثقالها، انتهى.

وقيل: الغين شيء يعتري القلب مما يقع من حديث النفس، قال الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر: وهذا أشار إليه الرافعي في أماليه، وقال: إن والده كان يقرره.

وقيل: كانت حالة يطلع فيها على أحوال أمته فيستغفر الله لهم.

وقيل: هو السكينة التي تغشى قلبه، والاستغفار لإظهار العبودية لله تعالى، والشكر.


عليه السلام بدليل قوله: "فهذه ليست فترة" وإنما هي لحكمة مقصودة يثبت بها حكم شرعي" كما أشار إليه عياض، "فالأولى أن يحمل" الحديث "على ما جعله" عياض "علة فيه، وهو ما دفع" أي أوصل وفوض "إليه من مقاساة البشر وسياسة الأمة ومعاناة الأهل، وحمل كل" بفتح الكاف، وشد اللام "أعباء النبوة، وحمل أثقالها" عطف تفسير، "انتهى".
وحاصله: إن ترك التسبيح ونحوه إنما هو لحكم وترتيب أحكام شرعية عليها، وقد صرح في الشفاء بعد هذا المبحث بكثير لما ذكر سهوه في الصلاة بقوله: والسهو هنا في حقه سبب إفادة علم وتقرير شرع، كما قال: "إني لأنسى أو أُنسَّى لأسن". بل قد روي: "لست أنسى، ولكن أنسى لأسن"، وهذه الحالة زيادة له في التبليغ، وتمام النعمة عليه بعيدة عن سمات النقص وأغراض الطعن، انتهى.
"وقيل: الغين شيء يعتري القلب" الصافي "مما يقع من حديث النفس" لا بالمعنى الأول، فهو من جملة الأجوبة، وقال شيخنا: ليس مقابلا للخلاف السابق في معناه، بل هو سبب لما يحصل للقلب مما يغشاه، وفيه أن المتبادر خلافه، وقد جعله النووي من جملة الأجوبة، ويدل على ذلك ما "قال الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر" في فتح الباري في كتاب الدعوات: "وهذا أشار إليه الرافعي في أماليه، وقال: إن والده كان يقرره" جوابًا عن الحديث، "وقيل: كانت" الهيئة التي تعتري القلب "حالة يطلع فيها على أحوال أمته، فيستغفر الله لهم" أي يدعو بالمغفرة لما صدر منهم، أو سيصدر، فالغين خواطره فيما يتعلق بهم لاهتمامه بهم وكثرة شفقته عليهم واستغفاره، وإنما هو لهم، فلا إشكال أصلا.
"وقيل: هو" أي: الغين "السكينة" الوقار والتأني والطمأنينة في الأمور "التي تغشى قلبه" أي: تعرض له، "والاستغفار" عندها "لإظهار العبودية لله تعالى" والافتقار إليه، "والشكر

<<  <  ج: ص:  >  >>