"وقال شيخ الإسلام" الحافظ ولي الدين أحمد "بن" الحافظ عبد الرحيم "العراقي أيضًا: هذه الجملة حالية أخبر عليه السلام؛ أنه يغان على قلبه مع أن حالة الاستغفار في اليوم مائة مرة، وهي حال مقدرة؛ لأن الغين ليس موجودًا في حال الاستغفار، بل إذا جاء الاستغفار أذهب ذلك الغين" فليست الجملة الثانية مسببة عن الأولى. "قال" ابن العراقي: "وعلى تقدير تعلق إحدى الجملتين بالأخرى، وأن الثانية مسببة عن الأولى" كما هو الظاهر المؤيد بروايتي النسائي: فاستغفر وحتى أستغفر؛ كما مر، "فيحتمل أن يكون هذا الغين تغطية للقلب عن أمور الدنيا وحجابًا بينه وبينها، فيجتمع القلب حينئذ" أي حين يحصل له ذلك "على الله تعالى ويتفرغ للاستغفار شكرًا وملازمة للعبودية" وهذا قريب أو مساوٍ للسكينة التي حكاها أولا بقوله: وقيل هو السكينة ... إلخ، كذا قيل قطعًا، وقد ذكر الأمرين في الشفاء؛ كما "قال: وهذا معنى ما قاله القاضي عياض، انتهى" كلام الولي. "ومراده قوله في الشفاء: وقد يحتمل الحديث أن تكون هذه الإغانة حالة خشية وإعظام" لله، ومنه "تغشى قلبه" أي: تعرض له من تصور ذلك "فيستغفر حينئذ" أي حين غشيته هذه الحالة "شكرًا لله تعالى" على نعمة جليلة؛ أن عرفه عظمته وخشيته، وهو أعظم المعلومات، "وملازمة" مداومة "لعبوديته" إذ مقتضاها عده نفسه مقصرًا لا يفي بأداء خدمته فذلك يستغفره، وبقية قول الشفاء: كما قال صلى الله عليه وسلم من ملازمة العبادة: "أفلا أكون عبدًا شكورًا".