للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ ابن العراقي: وهو عندي كلام حسن جدًا، وتكون الجملة الثانية مسببة عن الأولى، لا بمعنى أنه يسعى بالاستغفار في إزالة الغين، بل بمعنى أن الغين أصل محمود، وهو الذي تسبب عنه الاستغفار، وترتب عليه، وهذا أنزه الأقوال وأحسنها لأن الغين حينئذ وصف محمود وهو الذي نشأ عنه الاستغفار، وعلى الأول يكون "الغين" مما يسعى في إزالته بالاستغفار، وما ترتب الإشكال وجاء السؤال إلا على تفسير الغين بذلك، وأهل اللغة إنما فسروا الغين بالغشاء، فنحمله على غشاء يليق بحاله صلى الله عليه وسلم، وهو الغشاء الذي يصرف القلب ويحجبه عن أمور الدنيا، لا سيما وقد رتب على أمر الغشاء أمرًا محمودًا وهو الاستغفار، فما نشأ هذا الأمر الحسن إلا عن أمر حسن، وانتهى.

وذكر الشيخ تاج الدين بن عطاء الله في كتابه "لطائف المتن" أن الشيخ أبا الحسن الشاذلي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فسألته عن هذا الحديث "إنه ليغان على قلبي" فقال


"قال الشيخ ابن العراقي: وهو عندي كلام حسن جدًا" بالغ في الحسن، "وتكون الجملة الثانية مسببة عن الأولى لا بمعنى أنه يسعى بالاستغفار في إزالة الغين" لأنه كمال، "بل بمعنى أن الغين أصل محمود" أي: أمر يحمد عليه، "وهو الذي تسبب عنه الاستغفار، وترتب عليه، وهذا أنزه الأقوال" أبعدها عن الاعتراض والتكلفات "وأحسنها؛ لأن الغين حينئذ وصف محمود، وهو الذي نشأ عنه الاستغفار" فنشأ محمود عن محمود، "وعلى الأول" الذي هو الغفلات والفترات بالمعنى المتقدم "يكون الغين مما يسعى في إزالته بالاستغفار، وما ترتب الإشكال وجاء السؤال إلا على تفسير الغين بذلك" أي: الغفلة والسهو بالمعنى المار، "وأهل اللغة إنما فسروا الغين بالغشاء" وهو في كل محل بما يناسبه، "فنحمله على غشاء يليق بحاله صلى الله عليه وسلم، وهو الغشاء الذي يصرف القلب ويحجبه عن أمور الدنيا، لا سيما وقد رتب على أمر الغشاء" إضافة بيانية "أمرًا محمودًا، وهو الاستغفار، فما نشأ هذا الأمر الحسن إلا عن أمر حسن، انتهى" كلام ابن العراقي.
"وذكر الشيخ تاج الدين بن عطاء الله" ما يقوي هذا "في كتابه لطائف المتن" في مناقب الشيخ أبي العباس والشيخ أبي الحسن؛ "أن الشيخ أبا الحسن" علي بن عبد الله المغربي "الشاذلي" الشريف الهاشمي، من ذرية محمد بن الحنفية، مر بعض ترجمته شيخ الشاذلية، "قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فسألته عن هذا الحديث: "أنه ليغان على قلبي"، فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>