للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلهم، أبان بها فضلهم، والأخبار والآثار ناطقة بذلك.

فخرج أبو نعيم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن موسى -عليه الصلاة والسلام- لما نزلت عليه التوراة وقرأها، فوجد فيها ذكر هذه الأمة، قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون، فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة


قبلهم" كالصفة الكاشفة لما قبلها، فإن عدم إيتائها لمن قبلهم هو معنى تخصيصهم بها، "أبان" أظهر "بها فضلهم" على غيرهم، وكذلك خص أمة الدعوة برفع ما كان من أنواع العذاب في الأمم السابقة، كالخسف ونحوه؛ لكن لم تعد كمالات لهم لكفرهم، ولأنها لم تنجهم من العذاب الأشد، ومتاع الدنيا قليل، "والأخبار والآثار" عطف خاص على عام، أو مباين "ناطقة بذلك" أي: دالة دلالة قوية، كالنطق، وبين بعضها مقتصرًا عليه؛ لأن دلالتها أوضح، وكافية في المقصود بقوله: "فخرج أبو نعيم" أحمد بن عبد الله الأصفهاني، "عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن موسى عليه الصلاة والسلام لما نزلت عليه التوراة وقرأها، فوجد فيها ذكر هذه الأمة" بالأوصاف الحميدة التي لم توجد لغيرها، "قال: يا رب إني أجد في الألواح" التي أنزلت التوراة فيها، وكانت تسعة ألواح، وقيل: عشرة، وفي الحديث: "كانت من سدر الجنة، طول اللوح اثنا عشر ذراعًا" وقال الحسن: كانت من خشب، والكلبي: كانت من زبرجدة خضراء، وسعيد بن جبير: من ياقوت أحمر، والربيع بن أنس: كانت من برد، وابن جريج: من زمرد، أمر الله جبريل حت جاء بها من عدن، وكتبها بالقلم الذي كتب به الذكر، واستمد من نهر النور.
قال وهب: أمره الله بقطع ألواح من صخرة صماء، لينها الله له، فقطعها بيده، ثم شققها بأصبعه.
قالت الرواة: كانت التوراة سبعة أسباع، فلما ألقى الألواح تكسرت، فرفعت سنة أسباعها، وبقي سبع، فرفع ما كان من أخبار الغيب، وبقي ما فيه المواعظ والأحكام، والحلال والحرام؛ كذا في المعالم. "أمة هم الآخرون" زمانًا في الدنيا، "السابقون" أهل الكتاب وغيرهم منزلة وكرامة في الحشر والحساب، والقضاء لهم قبل الخلائق، وفي دخول الجنة قبل الأمم.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أتوا الكتاب من قبلنا". الحديث.
وفي رواية مسلم: "نحن الآخرون من أهل الدنيا، والسابقون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق"، "فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة

<<  <  ج: ص:  >  >>