للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة يؤتون العلم الأول والعلم الآخر، فيقتلون المسيح الدجال، فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب فاجعلني من أمة أحمد، فأعطي عند ذلك خصلتين، فقال: يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي، فخذ ما آتيك وكن من الشاكرين، قال: قد رضيت يا رب".


وقال ابن عباس: هو أن تقتل من لا يقتلك، أو تظلم من لا يظلمك، وقال قوم: هو كل شيء كان منهيًا عنه من قول أو فعل حتى شتم الخادم، ولكنه لا يدل على تضعيف العدد، "فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة يؤتون العلم الأول" الذي أنزل على الأنبياء قبل المصطفى، "والعلم الآخر" الذي نزل على نبينا صلى الله عليه وسلم من الأحكام التي ليست من الشرائع السابقة، "فيقتلون المسيح الدجال" نسبه إليهم لقتله في زمانهم على يد عيسى عليه السلام، وهو واحد منهم، "فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب فاجعلني من أمة أحمد، فأعطي عند ذلك خصلتين" أي: أخبر بأن الله أكرمه بهما، فلا ينافي أن الرسالة والكلام سابقان على ذلك.
وفي رواية كعب الأحبار: فلما عجز موسى، قال: يا ليتني من أصحاب محمد، فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بها، "فقال: {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ} الموودين في زمانك وهارون، وإن كان نبيًا، كان مأمورًا باتباعه، ولم يك كليمًا، ولا صاحب شرع، {بِرِسَالَاتِي} بالتوحيد قراءة أهل الحجاز، وبالجمع قراءة غيرهم، {وَبِكَلَامِي} تكليمي إياك، "فخذ ما آتيتك" من الفضل، "وكن من الشاكرين" لأنعمي.
قال البغوي: فإن قيل ما معنى اصطفائه بالرسالة، وقد أعطاها غيره لما لم يكن على العموم في حق الناس كافة، استقام قوله: {اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ} الآية، وإن شاركه فيه غيره، كما تقول: خصصتك بمشورتي وإن شاورت غيره إذا لم تكن المشورة على العموم ويكون مستقيمًا، وفي الفقه أن موسى لما كلمه ربه لم يستطع أحد أن ينظر إليه، غشى وجهه من النور ولم يزل على وجهه برقع حتى مات، وقالت له امرأته: أنا أيم منك منذ كلمك ربك، فكشف لها عن وجهه، فأخذها مثل شعاع الشمس، فوضعت يدها على وجهها وخرت لله ساجدة، وقالت: ادع الله أن يجعلني زوجك في الجنة، قال: ذاك إن لم تتزوجي بعدي، فإن المرأة لآخر أزواجها، انتهى.
وفي الأنوار روي أن سؤال الرؤية كان يوم عرفة، وإعطاء التوراة كان يوم النحر، "قال: قد رضيت يا رب"، وروى البغوي من طريق أبي العباس السراج بسنده عن كعب الأحبار: هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>