وعلى هذا فقد حصلت الهداية للجمعة بجهتي البيان والتوفيق، وقيل: في حكمة اختيارهم الجمعة وقوع خلق آدم فيه، والإنسان إنما خلق للعبادة، فناسب الاشتغال بها، ولأن الله أكمل في الموجودات وأوجد فيه الإنسان الذي ينتفع بها، فناسب أن يشكر على ذلك بالعبادة، ذكره الحافظ. "فالناس لنا فيه تبع اليهود غدًا" أي: السبت، "والنصارى بعد غد" أي: الأحد, وفي رواية ابن خزيمة: "فهو لنا، ولليهود يوم السبت، وللنصارى يوم الأحد". والمعنى: أنه لنا بهداية الله، ولهم باختيارهم، وخطئهم في اجتهادهم. قال القرطبي: غدا منصوب على الظرف، متعلق بمحذوف، تقديره اليهود يعظمون غدًا، وكذا قوله بعد غد، ولا بد من هذا التقدير، لأن ظرف الزمان لا يكون خبرًا من الجنة، وقال: ابن مالك: الأصل أن يكون المخبر عنه بظرف الزمان من أسماء المعاني، كقولك: غدًا التأهب، وبعد غد الرحيل، فيقدر هنا مضافان، يكون ظرفا الزمان خبرين عنهما، أي: تبعية اليهود غدًا، وتبعية النصارى بعد غد. انتهى.