للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله تعالى إليهم، ومن نظر إليه لم يعذبه، أبدًا، وتزين الجنة فيه، وخلوف أفواه الصائمين.


وقال ابن المنير: إذا علم أن فائدة إبهام هذه الساعة كليلة القدر بعث الدواعي على الإكثار من الصلاة والدعاء، ولو بين لاتكل الناس على ذلك وتركوا ما عداها، فالعجب بعد ذلك ممن يجتهد في طلب تحديدها، انتهى.
وقال السيوطي: هنا أمر، وهو أن ما أورده أبو هريرة على ابن سلام وارد على حديث أبي موسى أيضًا لأن حال الخطبة ليست ساعة صلاة، ويتميز ما بعد العصر، بأنها ساعة دعاء، وقد قال: "يسأل الله شيئًا"، وليس حال الخطبة ساعة دعاء لأنه مأمور فيها بالإنصات، وكذا غالب الصلاة، ووقت الدعاء منها إما عند الإقامة، أو في السجود أو التشهد، فإن حمل الحديث على هذه الأوقات اتضح، ويحمل قوله: وهو قائم يصلي على حقيقته في هذين الموضعين، وعلى مجازه في الإقامة، أي: قائم يريد الصلاة، وهذا تحقيق حسن, فتح الله به، وبه يظهر ترجيح رواية أبي موسى على قول ابن سلام لإبقاء الحديث على ظاهره من قوله: يصلي ويسأل، فإنه أولى من حمله على انتظار الصلاة؛ لأنه مجاز بعيد، ويوهم أن انتظار الصلاة شرط في الإجابة، ولأنه لا يقال في منتظر الصلاة قائم يصلي، وإن صدق أنه في صلاة، لأن لفظ قائم يشعر بملامسة الفعل، انتهى.
وفي الفتح: فإن قيل ظاهر الحديث حصول الإجابة لكل داع بالشرط المتقدم مع اختلاف الزمان باختلاف البلاد والمصلي، فيتقدم بعض على بعض، وساعة الإجابة متعلقة بالوقت، فكيف تتفق مع الاختلاف؟ أجيب: باحتمال أن ساعة الإجاب متعلقة بفعل كل مصل، كما قيل نظيره في ساعة الكراهة، ولعل هذه فائدة جعل الوقت الممتد مظنة لها، وإن كانت هي خفيفة، ويحتمل أنه عبر عن الوقت بالفعل، فيكون التقدير وقت جواز الخطبة أو الصلاة ونحو ذلك، قال: وقول صاحبنا العلامة شمس الدين الجزري في الحصن الحصين: وأذن لي في روايته عنه: الذي أعتقده أنها وقت قراءة الفاتحة في صلاة الجمعة، إلى أن يقول آمين، جمعًا بين الأحاديث التي صحت، يخدش فيه أنه يفوت على الداعي حينئذ الإنصات لقراءة الإمام. انتهى.
"ومنها: إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله تعالى إليهم" أي: الأمة المحمدية نظر رحمة وغفران، "ومن نظر إليه" كذلك "لم يعذبه أبدًا" لأن الكريم لا يرجع فيما أعطى، ولا أكرم منه سبحانه، "وتتزين الجنة فيه" تبشيرًا للصائمين، فإذا علموا ذلك بخبر الصادق، زاد نشاذهم، وتلقوه بمزيد القبول والمحبة، وإعلامًا للملائكة، أنه بمنزلة عظيمة عند الله، "وخلوف" بضم الخاء وفتحها خطأ، وقيل: لغة قليلة، أي: تغير ريح "أفواه الصائمين" لخلو معدتهم عن

<<  <  ج: ص:  >  >>