للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة في كل يوم وليلة حتى يفطروا، وإذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعًا. رواه البيهقي بإسناد لا بأس به.


الطعام، "أطيب عند الله" أي: في الآخرة؛ كما جزم به العز بن عبد السلام؛ لأن في رواية لمسلم يوم القيامة، أو في الدنيا والآخرة معًا، كما جزم به ابن الصلاح لأن رواية ابن حبان: "لخلوف فم الصائم حين يخلف أطيب عند الله" وروى الحسن بن سفيان من حديث جابر: "أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسًا"، قال: "وأما الثانية فإنهم يمسون، وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك"، فكل واحد من الحديثين صريح في أنه وقت وجود الخلوف في الدنيا، يتحقق وصفه بذلك، قال: وقد ذكر العلماء شرقًا وغربًا معنى ما ذكرته، ولم يذكر أحد تخصيصه بالآخرة، بل جزموا بأنه عبارة عن الرضا والقبول ونحوهما مما هو ثابت في الدارين، وأما ذكر يوم القيامة في رواية مسلم، فلأنه يوم الجزاء، وفيه يظهر رجحان الخلوف في الميزان على المسك المستعمل لدفع الرائحة الكريهة، طلبًا لرضا الله حيث يؤمر باجتنابها، واجتلاب الرائحة الطيبة للمساجد والصلوات وغيرها من العبادات، فخص يوم القيامة بالذكر في تلك الرواية لذلك؛ كما خص في قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} الآية، وأطلق في باقي الروايات نظرًا إلى أن أصل أفضليته ثابت في الدارين، "من ريح المسك" اختلف في معناه؛ لأنه تعالى منزه عن استطابة الروائح، فقال الماوردي: هو مجاز؛ أنه جرت العادة بتقريب الروائح الطيبة لنا، فاستعير ذلك لتقريب الصوم من الله، فالمعنى أنه أطيب عند الله من ريح المسك عندكم، أي: أنه يقرب إليه أكثر من تقريب المسك إليكم.
وقيل: إن ذلك في حق الملائكة, إنهم يستطيبون ريح الخلوف أكثر مما يستطيبون ريح المسك.
وقيل: المعنى أن الله يجزيه في الآخرة بكونه نكهته أطيب من المسك كما يأتي المكلوم، وريح جرحه يفوح مسكًا.
وقيل: المعنى أن الخلوف أكثر ثوابًا من المسك المطلوب في الجمع والأعياد، ومجالس الذكر والخير، وصححه النووي.
ونقل القاضي حسين في تعليقه: إن للطاعات يوم القيامة ريحًا يفوح، قال: فرائحة الصيام فيها بين العبادات كالمسك، "وتستغفر لهم" أي: للصائمين "الملائكة في كل يوم وليلة حتى يفطروا" حين انقضاء الشهر، "وإذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعًا".
وزاد في رواية للبيهقي، وأحمد والبزار: قيل: يا رسول الله! هي ليلة القدر، قال: "لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره عند انقضاء عمله". "رواه البيهقي بإسناد لا بأس به" أي: مقبول عن

<<  <  ج: ص:  >  >>