للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلفظ: "أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسًا لم يعطهن نبي قبلي ... وتستغفر لهم الحيتان حتى يفطروا". رواه البزار. "وتصفد مردة الشياطين" رواه أحمد والبزار.


جابر، "بلفظ" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسًا لم يعطهن نبي قبلي أما واحدة؛ فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إليهم، ومن نظر إليه لم يعذبه أبدًا، وأما الثانية: فإن خلوف أفوافهم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك، وأما الثالثة: فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة، وأما الرابعة: فإن الله عز وجل يأمر جنته، فيقول لها: استعدي، وتزيني لعبادي، أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى داري وكرامتي، وأما الخامسة: فإنه إذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعًا". فقال رجل من القوم: أهي ليلة القدر؟ قال: "لا، ألم تر العمال يعملون، فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم". وهذا لفظ رواية البيهقي.
وأخرجه الحسن بن سفيان من حديث جابر أيضًا، وحسنه أبو بكر بن السمعاني في أماليه، وتبعه ابن الصلاح، وله شاهد بنحوه من حديث أبي هريرة، رواه أحمد والبزار والبيهقي، "وتستغفر لهم الحيتان حتى يفطروا". رواه البزار, وأحمد، والبيهقي من حديث أبي هريرة المذكور، ورواه أبو الشيخ بلفظ: الملائكة بدل الحيتان، "وتصفد" تشد وتربط بالأصفاد، وهي القيود "مردة الشياطين" أي: عتاتهم، وفي حديث ابن عباس عند البيهقي: "ويقول الله: يا جبريل اهبط إلى الأرض فاصفد مردة الشياطين وغلهم بالأغلال، ثم اقذفهم في البحار حتى لا يفسدوا على أمة محمد صيامهم". "رواه أحمد والبزار" من حديث أبي هريرة، فزيادة: "فلا يخلصوا فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره". وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين".
قال القاضي عياض: يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته، وذلك علامة للملائكة بدخول الشهر وتعظيمه، والتصفيد ليمنعوا من إيذاء المؤمنين والتهويش عليهم، ويحتمل أنه مجاز عن كثرة الثواب والعفو، وأن الشياطين يقل إغواؤهم وإيذاؤهم، فيصيرون كالمصفدين، ويكون تصفيدهم عن أشياء لناس دون ناس، ويحتمل أن فتح أبواب الجنة عبارة عما يفتحه الله لعباده من الطاعات في هذا الشهر التي لا تقع في غيره عمومًا؛ كالصيام والقيام، وفعل الخيرات، والانكفاف عن كثير من المخالفات، وهذه أسباب لدخول الجنة وأبواب لها، وكذا تغليق أبواب النار، وتصفيد الشياطين عبارة عما ينكفون عنه من المخالفات، ومعنى صفدت: غلت، والصفد، بفتح الفاء الغل، انتهى.
ونقله النووي، ولم يزد عليه، ورجح ابن المنير الأول، وقال: لا ضرورة تدعو إلى صرف

<<  <  ج: ص:  >  >>