للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها السحور، وتعجيل الفطر، رواه الشيخان


اللفظ عن ظاهره، وكذا رجحه القرطبي، وقال: فإن قيل: فكيف ترى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرًا، فلو صفدت لم يقع ذلك، فالجواب إنها إنما تغل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه، وروعيت آدابه، والمصفد بعض الشياطين، وهو المردة لا كلهم؛ كما في رواية الترمذي وغيره مردة الجن، والمقصود تقليل الشرور فيه، وهذا أمر محسوس؛ فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية؛ لأن لذلك أسبابًا غير الشياطين، كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة، والشياطين الإنسية.
وقال الحليمي: يحتمل أن المراد بالشياطين مسترقوا السمع منهم؛ لأنهم كانوا منعوا في زمن نزول القرآن من استراق السمع، فزيدوا التسلسل في رمضان مبالغة في الحفظ.
وقال الطيبي: فائدة تفتيح أبواب الجنة توقيف الملائكة على استحماد فعل الصائمين، وأنه من الله بمنزلة عظيمة، وإذا علم المكلف ذلك بإخبار الصادق، زاد في نشاطه، وتلقاه بأريحية.
"ومنها: السحور" بفتح السين وضمها، ويحصل بأقل ما يتناوله المرء من مأكول أو مشروب؛ كما في الفتح وغيره، "وتعجيل الفطر" عند تحقق الغروب، وما يفعله الفلكيون من التمكين بعد الغروب بدرجة، فمخالف للسنة، فلذا قل الخير، قاله المصنف.
"رواه الشيخان" عن سهل بن سعد؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال الناس بخير ما علوا الفطر" زاد أبو داود، وابن ماجه، وغيرهم من حديث أبي هريرة: "لأن اليهود والنصارى يؤخرون". ولابن حبان، والحاكم من حديث سهل: "لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم". وليس في رواية الشيخين تصريح، بأنه من خصوصياتنا، إنما هو في غيرهما كما رأيت.
وأما السحور، فروى مسلم عن عمرو بن العاصي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور". وفصل، بصاد مهملة، وقراءته بمعجمة تصحيف، ولم يخرجه البخاري، نعم رويا معًا أنس، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة" , وهذا لا تصريح فيه بالخصوصية.
قال في الفتح: بفتح السين وضمها روايتان لأن المراد بالبركة الأجر والثواب، فيناسب الضم لأنه مصدر بمعنى التسحر أو البركة، كونه يقوى على الصوم وينشط له، ويخفف مشقته، فيناسب الفتح لأنه ما يتسحر به، وقيل: البركة ما تضمنه من الاستيقاظ والدعاء في السحر، والأولى أنها تحصل بجهات متعددة: اتباع السنة، ومخالفة أهل الكتاب، والتقوي على العبادة، والزيادة في النشاط، والتسبب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك، أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذكر والدعاء ومظنة الإجابة، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام، ووقع لبعض

<<  <  ج: ص:  >  >>