للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: ليلة القدر، كما قاله النووي في شرح المهذب.

وهل صيام رمضان من خصائص هذه الأمة أم لا؟ إن قلنا إن التشبيه الذي دلت عليه كاف "كما" في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ١٨٣] على حقيقته فيكون رمضان كتب على من قبلنا.

وذكر ابن أبي حاتم عن ابن عمر رفعه: "صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم". وفي إسناده مجهول.

وإن قلنا المراد مطلق الصيام دون قدره ووقته فيكون التشبيه واقعًا على مطلق الصوم، وهو قول الجمهور.


وروى الباري عن سهل بن سعد، قال: نزلت {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} الآية، ولم ينزل من الفجر، فكان رجال إذا أرادوا الصوم، ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد: {مِنَ الْفَجْرِ} ، فعلموا إنما يعني الليل والنهار.
"ومنها: ليلة القدر" لخبر الديلمي عن أنس، مرفوعًا: "إن الله وهب لأمتي ليلة القدر، ولم يعطها من كان قبلهم". "كما قاله النووي في شرح المهذب" وعبارته: "ليلة القدر مختصة بهذه الأمة، لم تكن لمن قبلنا"، هذا هو الصحيح المشهور الذي قطع به أصحابنا كلهم، وجمهور العلماء، قال الحافظ: وجزم به ابن حبيب من المالكية وسبقهم كلهم الحكيم الترمذي فجزم بذلك، "وهل صيام رمضان من خصائص هذه الأة" كما ذهب إليه الجمهور، منهم معاذ، وابن مسعود، وجماعة من الصحابة والتابعين، والحجة لهم قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله افترض صوم رمضان، وسننت لكم قيامه" رواه النسائي والبيهقي بإسناد حسن، عن عبد الرحمن بن عوف، فهو ظاهر في الاختصاص "أم لا؟ " كما ذهب إليه جمع، منهم الحسن والشعبي.
"إن قلنا: إن التشبيه الذي دلت عليه" لفظة، "كما في قوله تعالى: {كُتِبَ} فرض {عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} الآية، على حقيقته" أي: تشبيهًا تامًا، "فيكون رمضان كتب على من قبلنا" من جميع الأمم، وعن السدي هم النصارى كتب عليهم رمضان، "وذكر" أي روى ابن أبي حاتم عن ابن عمر، رفعه: "صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم". فهذا يؤيد تمام التشبيه، ويرد على السدي تخصيصهم بالنصارى، "و" لكن "في إسناده مجهول" فهو ضعيف، لكن له شاهد في الترمذي.
"وإن قلنا: المراد مطلق الصيام دون قدره ووقته" وهو شهر رمضان، "فيكون التشبيه واقعًا على مطلق الصوم" فلا ينافي اختصاصنا برمضان، "وهو قول الجمهور" من الصحابة

<<  <  ج: ص:  >  >>