للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أن لهم الاسترجاع عند المصيبة، قال سعيد بن جبير فيما رواه ابن جرير والبيهقي وغيرهما عنه: لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة ما لم يعط الأنبياء عليهم السلام مثله: إنا لله وإنا إليه راجعون. ولو أعطيت الأنبياء لأعطيه يعقوب عليه السلام إذ قال: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: ٨٤] .

ومنها: أن الله تعالى رفع عنهم الإصر الذي كان على الأمم قبلهم، قال تعالى:


والتابعين وغيرهم.
قال الزمخشري: وبالجملة، فالصوم عبادة أصلية قديمة، ما أخلى الله أمة من افتراضه عليهم.
"ومنها: أن لهم الاسترجاع عند المصيبة" لقوله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت أمتي شيئا لم يعطه أحد من الأمم أن يقولوا عند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون"، رواه الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس.
"قال سعيد بن جبير، فيما رواه ابن جرير، والبيهقي، وغيرهما عنه: "لقد أعطيت هذه الأمة"، أي: أمة الإجابة أن يقول المصاب منهم "عند المصيبة"، أي مصيبة كانت، لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل شيء ساء المؤمن فهو مصيبة"، رواه ابن السني، "ما لم يعط الأنبياء عليهم السلام مثله" وهو "إنا لله" ملكا وعبدا يفعل بنا ما شاء، "وإنا إليه راجعون" في الآخرة فيجاز بنا.
وروى أبو داود في مراسيله: إن مصباح النبي صلى الله عليه وسلم طفئ، فاسترجع، فقالت عائشة: إنما هذا مصباح، فقال: "كل ما ساء المؤمن فهو مصيبة".
وفي الحديث: "من استرجع عند المصيبة، آجره الله فيها، وأخلف عليه خيرا". وظاهره أن المأمور به مرة واحدة فورا، وذلك في الموت عند الصدمة الأولى، وخير إذا ذكرها، ولو بعد أربعين عاما، فاسترجع، كان له أجرها يوم وقوعها، كما ورد؛ لأنه زيادة فضل، لا ينافي الطلب بفور وقوع المصيبة.
"ولو أعطبت الأنبياء لأعطيه يعقوب عليه السلام، إذ قال: {يَا أَسَفَى} " الألف بدل من ياء الإضافة، أي: يا حزني {عَلَى يُوسُفَ} وهذا ظاهر في أنه من خصوصيات هذه الأمة، حتى على الأنبياء، إذ قوله: "لقد أعطيت"، لا دخل للرأي فيه، فلا يكون إلا عن بلاغ.
وأما: ولو أعطيت ... إلخ، فإن كان من البلاغ فواضح، وإن كان استنبطه، فهو استظهار وتقوية لسابقه ببعض أفراده، فلا يقال: لا يلزم منه أنه لم يشرع لغيره من الأنبياء.
"ومنها: أن الله تعالى رفع عنهم الإصر" الأمر الذي يثقل حمله عليهم، أي: لم يوجبه عليهم، ولم يجعله من شرعهم، لا أنه جعله عليهم، ثم رفعه "الذي كان على الأمم قبلهم" أي: على بعضهم، وهم بنو إسرائيل؛ كما "قال تعالى": {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>