للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] أي: ضيق بتكليف ما اشتد القيام به عليهم، إشارة إلى أنه لا مانع لهم عنه ولا عذر لهم في تركه، يعني من لم يستطع أن يصلي قائمًا فليصل قاعدًا، وأباح للصائم الفطر في السفر، والقصر فيه.

وقيل ذلك بأن جعل لهم من كل ذنب مخرجًا، وفتح لهم باب التوبة، وشرع لهم الكفارات في حقوقه، والأروش والديات في حقوق العباد. قاله البيضاوي.

وروى عن ابن عباس أنه قال: الحرج ما كان على بني إسرائيل من الإصر والشدائد، وضعه الله عن هذه الأمة.


اجتباكم {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} الآية.
روى أحمد عن حذيفة: سجد صلى الله عليه وسلم، فلم يرفع رأسه حتى ظننا أن نفسه قبضت، فلما فرغ، قال: "ربي استشارني" الحديث، وفيه: "وأحل لنا كثيرًا مما شدد على من قبلنا، ولم يجعل علينا في الدين من حرج، فلم أجد شكرًا إلا هذه السجدة"، "أي: ضيق بتكليف ما اشتد القيام به عليهم، إشارة إلى أنه لا مانع لهم عنه، ولا عذر لهم في تركه" لعدم مشقة فعله عليهم، "يعني: من لم يستطع أن يصلي قائمًا، فليصل قاعدًا" ومن لا فمضطجعًا على ما بين في الفروع، "وأباح للصائم الفطر في السفر" وإن كان الصوم أفضل، "والقصر فيه" للصلاة، وجعله أفضل من الإتمام، بل ذهب الحنفية إلى أنه عزيمة، فلا يجوز الإتمام.
زاد البيضاوي: أو إلى الرخصة في إغفال بعض ما أمرهم به حيث شق عليهم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"، "وقيل ذلك"، أي: معنى الآية "بأن جعل لهم من كل ذنب مخرجًا" بأن رخص لهم في المضائق، هكذا في البيضاوي قبل قوله: "وفتح لهم باب التوبة، وشرع لهم الكفارات في حقوقه" كالحنث في اليمين به، "والأروش والديات في حقوق العباد" دون تعين القود، "قاله البياوي" في تفسير الآية.
"وروي" عند ابن أبي حاتم، "عن ابن عباس، أنه" قيل له: أما علينا في الدين من حرج في أن نسرق أو نزني؟ قال: "بلى"، قيل: فما جعل عليكم في الدين من حرج؟ "قال: الحرج ما كان على بني إسرائيل من الإصر والشدائد، وضعه الله عن هذه الأمة" بمعنى أنه لم يجعله عليهم، قال تعالى: {وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} الآية، قال البيضاوي: حملا مثل حملك إياه من قبلنا، أو مثل الذي حملته إياهم، فيكون صفة لإصرًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>