للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن كعب، أعطى الله هذه الأمة ثلاثًا لم يعطهن إلا الأنبياء: جعلهم شهداء على الناس، وما جعل عليهم في الدين من حرج، وقال: ادعوني أستجب لكم.

ومنها: إن الله تعالى رفع عنهم المؤاخذة بالخطأ.


أو المراد به ما كلف به بني إسرائيل من قتل الأنفس، وقطع موضع النجاسة، وخمسين صلاة في اليوم والليلة، وصرف ربع المال للزكاة، أو ما أصابهم من الشدائد والمحن.
قال السيوطي: قول خمسين صلاة غلط، فلم يفرض على بني إسرائيل خمسون صلاة قط، بل ولا خمس صلوات، ولم تجتمع الخمس إلا لهذه الأمة، وإنما فرض على بني إسرائيل صلاتان فقط؛ كما في الحديث.
وقال شيخ الإسلام: نسب التكليف بها إلى بني إسرائيل لم يفرض عليهم خمسون، بل ولا خمس صلوات، مع أن من حفظ حجة على من لم يحفظ؛ كذا قال وفيه ما لا يخفى، فكون المراد من بني إسرائيل اليهود، لا يدفع الرد بأن الخمسين لم تفرض عليهم، فليس ملحظ الرد إبهامه أنها فرضت على جميع بني إسرائيل، مع أنها إنما فرضت على اليهود منهم، فيجاب، بأنهم المراد من بني إسرائيل، وكون من حفظ حجة لا يجدي هنا؛ لأن النافي صحبه دليل نفيه، وهو قوله: كما في الحديث، يشير إلى ما في حديث المعراج في مراجعة موسى لنبينا، وفيه ما لفظه: فإنه فرض على بني إسرائيل صلاتان، فما قاموا بهما، أخرجه النسائي من حديث أنس.
"وعن كعب: أعطى الله هذه الأمة ثلاثًا" لفظه ثلاث خصال، "لم يعطهن إلا الأنبياء، كان النبي يقال له: بلغ، ولا حرج، وأنت شهيد على أمتك، وادع أجبك، "جعلهم شهداء على الناس" يوم القيامة، بأن رسلهم بلغتهم، "وما جعل عليهم في الدين من حرج" بل سهله، وقال صلى الله عليه وسلم: "خير دينكم أيسره"، أي: ما لا مشقة فيه ولا إصر، لكن بعضه أيسر من بعض، فأمر بعدم التعمق فيه، فإنه لن يغالبه أحد إلا غلبه، وجاءت الأنبياء السابقة بتكاليف، وآصار بعضها أغلظ من بعض، "وقال: ادعوني" اسألوني "أستجب لكم" دعاءكم، وقيل: المعنى اعبدوني أثبكم بقرينة، {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} الآية، وأجاب من فسر الدعاء بالسؤال، بأن الاستكبار الصارف عنه منزل منزلته للمبالغة، أو المراد بالعبادة الدعاء؛ لأنه من أبوابها.
أخرج الفريابي عن كعب: أعطيت هذه الأمة ثلاث خصال لم يعطهن الأنبياء، كان النبي يقال له: بلغ ولا حرج، وأنت شهيد على أمتك، وادع أجبك، وقال لهذه الأمة: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ، {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ، {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} الآية، فاقتصر المصنف على حاجته منه.
"ومنها: إن الله تعالى رفع عنهم المؤاخذة بالخطأ" أي: إثمه لا حكمه، إذ حكمه من

<<  <  ج: ص:  >  >>