للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواه أحمد وابن حبان والحاكم وابن ماجه.

ومنها أن الإسلام وصف خاص بهم، لا يشركهم فيه غيرهم إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لقوله تعالى: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا} [الحج: ٧٨] {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣] إذ لو لم يكن خاصًا بهم لم يكن في الامتنان عليهم بذلك فائدة.


يعد نصف الإسلام؛ لأن الفعل إما عن قصد واختيار أولا، الثاني: ما يقع عن خطأ، أو نسيان، أو إكراه, وهذا القسم معفو عنه اتفاقًا، وإنما اختلف هل المعفو عنه الإثم أو الحكم، أو هما معًا؟ وهو ظاهر الحديث وما خرج عنه، كضمان الدم الخطأ وإتلاف المال خطأ ونحوهما، فبدليل منفصل، وفيه: "إن طلاق المكره لا يقع"، "رواه أحمد، وابن حبان، والحاكم، وابن ماجه" والطبراني، والدارقطني، بأسانيد جيدة، وفي بعضها كلام لا يضر، كما بينه النور الهيثمي، وتليمذه الحافظ، وحسنه النووي في الروضة، وأخرجه الطبراني عن ثوبان، بلفظ: "رفع عن أمتي" ... إلخ، وخفي على الكمال بن الهمام، فقال: هذا الحديث يذكره الفقهاء بهذا اللفظ، ولا يوجد شيء من كتب الحديث، كذا قال والكمال لله.
قال البيضاوي: ومفهوم الخبر أن الخطأ والنسيان كان مؤاخذًا بهما أولًا، أي: في الأمم السابقة ولا يمتنع ذلك عقلًا، فإن الذنوب كالسموم، فكما أن تناولها يؤدي إلى الهلاك، وإن كان خطأ، فتعاطي الذنوب لا يبعد أن يفضي إلى العقاب، وإن لم يكن عزيمة؛ لكنه تعالى وعدنا التجاوز عنه رحمة وفضلا، ومن ثم أمر الإنسان بالدعاء، استدامة واعتدادًا بالنعمة.
"ومنها: أن الإسلام وصف خاص بهم، ولا يشركهم فيه غيرهم إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام" كما ذهب إليه جمع من العلماء، فشرفت هذه الأمة بأن وصفت بالوصف الذي كان يوصف به الأنبياء، تكريمًا لها؛ "لقوله تعالى": {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} الآية في أم الكتاب، وهو اللوح المحفوظ، وفي التوراة والإنجيل وسائر كتبه على أن ضمير هو عائد لله؛ كما قاله جمع من المفسرين، كابن عباس ومجاهد عند ابن المنذر، وعلى بن زيد عند ابن أبي حاتم، وكذا روى عن قتادة وابن عيينة ومقاتل، قالوا: {وَفِي هَذَا} ، يعني القرآن، وأيد بأنه قرئ "الله سماكم المسلمين" الآية، فلو لو يكن ذلك خاصًا به، كالذي ذكر قبله لم يكن لتخصيصه بالذكر، ولا لاقترانه بما قبله معنى، وهذا ما فهمه السلف من الآية، ولقوله تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣] الآية، فإنه ظاهر في الاختصاص، "إذ لو لم يكن خاصا بهم لم يكن في الامتنان عليهم بذلك فائدة" لأنه لو

<<  <  ج: ص:  >  >>