للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يجاب: بأن رضي الإسلام دينًا لهم، وتسميه إبراهيم إياها بذلك، لا ينفي اتصاف غيرهم بذلك. وفائدة ذلك: الإعلام بالإنعام عليهم بما أنعم به على غيرهم من الفضائل.

وقيل: لا يختص بهم، بل يطلق على غيرهم أيضًا، وهو اسم لكل دين حق لغة وشرعًا. كما أجاب به ابن الصلاح لقوله تعالى: حكاية عن وصية يعقوب {فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: ١٣٢] {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: ٣٦] .


رضيه لغيرهم ما حسن الامتنان به عليهم ولا تقديم لكم، "وقد يجاب بأن رضا الإسلام دينًا لهم" في هذه الآية، "وتسمية إبراهيم إياها بذلك" في الآية التي ساقها قبلها؛ بناء على أن الضمير لإبراهيم؛ لأنه أقرب مذكور، كما قاله جماعة، كابن زيد في أحد قوليه، قال: وهو إبراهيم ألا ترى إلى قوله: {مِنْ ذُرِّيَّتِنَا} الآية، {أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} ، "لا ينفي اتصاف غيرهم بذلك" الوصف، "وفائدة ذلك" أي: الامتنان على هذه الأمة مع الاشتراك "الإعلام بالإنعام عليم بما أنعم به على غيرهم من الفضائل" ودفع السيوطي هذا الجواب بأنه جهل بقواعد المعاني؛ فإن تقديم "لكم" يستلزمه؛ كما قال صاحب الكشاف في قوله تعالى: {وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} الآية، أن تقديم "هم" تعريض بأهل الكتاب؛ وأنهم لا يوقنون بالآخرة، وكما قال الأصفهاني في قوله: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} الآية، أن تقديم "هم" يفيد أن غيرهم يخرجون منها، وهم الموحدون.
"وقيل: لا يختص بهم، بل يطلق على غيرهم أيضًا، وهو اسم لكل دين حق لغة وشرعًا، كما أجاب به ابن الصلاح؛ لقوله تعالى حكاية عن وصية يعقوب" {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} الآية.
قال السيوطي: هذا من قول إبراهيم ويعقوب لبنيهما، وفي بني كل الأنبياء، فلا يحسن الاستدلال به على غيرهم، مع أنه لا يلزم منه طرده في أمة موسى وعيسى، لما علم أن ملة إبراهيم تسمى الإسلام، وبها بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أولاد إبراهيم ويعقوب، عليها فصح أن يخاطبوا بذلك، ولا يتعدى إلى من ملته اليهودية والنصرانية، قال: وأما قوله تعالى حكاية عن أولاد يعقوب: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} الآية، فجوابه أن ذلك إما على سبيل التبعية له إن لم يكونوا أنبياء، مع أن فيهم يوسف وهو نبي قطعًا، فلعله هو الذي تولى الجواب، وأخبر عن نفسه بالإصابة، وأدرج أخوته معه تغليبًا، وإن كانوا أنبياء كلهم، فلا إشكال من أدلة العموم قوله: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} وأجاب عنه السيوطي بما حققه صاحب القول الراجح:

<<  <  ج: ص:  >  >>