ومنها: قوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ، وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} الآية، والجواب أن مسلمين اسم فاعل مراد به الاستقبال على حقيقته، وهو الأصل لا الحال ولا الماضي الذي هو مجاز، والتقدير: إنا كنا من قبل مجيئه عازمين على الإسلام به إذا جاء لما كنا نجده في كتبنا، ويرشحه أن السياق يرشد إلى أن قصدهم الإخبار بحقية القرآن، وإنهم كانوا على قصد الأسلام به إذا جاء به صلى الله عليه وسلم لما عندهم من صفاته وقرب زمانه، وليس قصدهم الثناء على أنفسهم، بأنهم كانوا بصفة الإسلام؛ لأنه ينبو عنه المقام أو يقدر في الآية: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} الآية، توصف الإسلام سببه القرآن لا التوراة والإنجيل ويرشحه ذكر الصلة في قوله: {قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ} الآية، فدل على أنها مراده في الثانية، وحذفت كراهة لتكرارها مرتين في آية واحدة لذكرها في قوله: {آمَنَّا بِهِ} الآية، أو وصفهم به من أول أمرهم اعتبارًا بما ختم لهم من الدخول في الإسلام؛ كقول الأشعري: من كتب الله أن يموت مؤمنًا، فيسمى عند الله مؤمنًا، ولو في حالة كفر سبقت منه، وكذا عكسه فإذا وصف الكافر حال كفره بالإيمان للخاتمة، فلأن يوصف بالإسلام من كان على دين حق لما قدر له من دخوله فيه من باب أولى، انتهى. هذا ومن خصوصيات الإسلام، أنه يجب ما قبله، أي: يقطع، روى ابن سعد والطبراني،