وروى مسلم عن عمرو بن العاصي، قلت: يا رسول الله تبايعني على أن تغفر لي، فقال: "أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله". ففيه أن كل واحد بمفرده يكفر ما قبله. قال ابن تيمية: واختص صحبه صلى الله عليه وسلم باسم الأنصار والمهاجرين، فهما اسمان شرعيان جاء بهما الكتاب والسنة، وسماهما الله بهما، كما سماهم بالمسلمين. "ومنها: أن شريعتهم أكمل من جميع الشرائع المتقدمة" لا زيادة تشديد فيها، فيصعب القيام بها، ولا زيادة تخفيف، بل على غاية الاعتدال وخير الأمور أوسطها، "وهذا مما لا يحتاج إلى بيانه لوضوحه" لأنك إذا تدبرت في أي حكم منها وجدته معتدلا، واستظهر على ذلك بقوله: "وانظر إلى شريعة موسى عليه السلام، فقد كانت شريعة جلال، وقهر أمروا بقتل نفوسهم في التوبة" وقد امتن الله علينا بعدم ذلك، وذكرنا بهذه النعمة في قوله: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} الآية، أي: إنه رحمنا فلم يكتب علينا ذلك، كما كتبه على بني إسرائيل، "وحرمت عليهم الشحوم" وهي الثروب وشحم الكلى من البقر والغنم، إلا ما حملت على ظهورهما ... إلخ، "وذوات الظفر" وهو ما لم تفرق أصابعه كالإبل والنعام والطيور، "وغيرها من الطيبات" بعد حلها؛ كما قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} الآية، وقال تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} ، أي: الإبل لما حصل له عرق النسا، بالفتح والقصر، فنذر إن شقي لا يأكلها، فحرم عليه، "وحرمت عليهم الغنائم" وعلى غيرهم سوانا، فجعلت لنا من أحل أموالنا، "وعجل لهم من العقوبات ما عجل" من عذاب وغيره، كعقابهم بتحريم ما كان لهم حلالا، "وحملوا من الآصار والأغلال" عطف تفسير، أي: التكاليف الشاقة، "ما لم يحمله