وفي قول مالك: مخطئ ومصيب، رد على القائل إن المجتهد يقلد الصحابة دون غيرهم؛ كما أفاده السمهودي، ثم لا يرد على هذا كله نهي الله عن الاختلاف بقوله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} الآية، وبقوله: {لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} الآية، لأن المنهي عنه الاختلاف على الرسل فيما جاءوا به. قال ابن العربي وغيره: إنما ذم الله كثرة الاختلاف على الرسل كفاحًا بدليل خبر: "إنما أهلك الذين من قبلكم كثرة اختلافهم على أنبيائهم"، أما هذه الآية، فمعاذ الله أن يدخل فيها أحد من العلماء المختلفين، لأنه أوعد الذين اختلفوا بعذاب عظيم، والمعترض موافق على أن اختلاف الأمة في الفروع، مغفور لمن أخطأ منهم، فتعين أن الآية فيمن اختلف على الأنبياء، فلا تعارض بينها وبين الحديث، وفيه رد على المتعصبين لبعض الأئمة على بعض، وقد عمت به البلوى. قال الذهبي: وبين الأئمة اختلاف كثير في الفروع وبعض الأصول، وللقليل منهم غلطات، وزلقات، ومفردات منكرة، وإنما أمرنا باتباع أكثرهم صوابًا، وتجزم بأن غرضهم ليس إلا اتباع الكتاب والسنة، وكل ما خالفوا فيه لقياس أو تأويل، فإذا رأيت فقيهًا خالف هذين أورد حديثًا أو حرف معناه، فلا تبادر لتغليطه، وقد قال علي لمن قال له: أتظن أن طلحة والزبير كانا على باطل، يا هذا إنه ملبوس عليك أن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله، وما زال الاختلاف بين الأئمة في الفروع وبعض الأصول مع اتفاق الكل على تعظيم البارئ وأنه ليس