للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموصلي، وعمرو بن بحر الجاحظ وقالا جميعًا: لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق عذابًا، قال: ثم تشاغل الخطابي برد هذا الكلام، ولم يقع في كلامه نص في عزو الحديث، ولكن أشعر بأن له أصلا عنده.

ومن حديث الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد قال: أهل العلم أهل توسعة، وما برح المفتون يختلفون، فيحل هذا ويحرم هذا، فلا يعيب هذا على هذا، أشار إليه شيخنا في المقاصد الحسنة.

ومنها أن الطاعون لهم شهادة ورحمة، وكان على الأمم عذابًا.


الموصلي" بفتح، فسكون وكسر المهملة، نسبة إلى مدينة بالجزيرة، الماجن المغني في الدولة العباسية، "وعمرو بن بحر الجاحظ" لقب لعمرو الملحد لجحظ كان بعينيه، وكان قبيح الشكل جدًا حتى قيل فيه:
لو يمسخ الخنزير مسخًا ثانيا ... ما كان إلا دون قبح الجاحظ
رجل ينوب عن الجحيم بوجهه ... وهو القذى في عين كلا ملاحظ
"وقالا جميعًا: لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق عذابًا، قال" الحافظ: "ثم تشاغل الخطابي برد هذا الكلام، ولم يقع في كلامه نص في عزو الحديث، ولكن أشعر بأن له أصلا عنده" وهو من كبار الحفاظ، "ومن حديث" عطف على قوله: من رواية سليمان، أي: وروى البيهقي أيضًا في المدخل من حديث "الليث بن سعد" بن عبد الرحمن الفهمي، المصري، الإمام، الثقة، الثبت، الفقيه، المشهور، مات في شعبان سنة خمس وسبعين ومائة، "عن يحيى بن سعيد" بن قيس الأنصاري، المدني، ثقة، ثبت، من رجال الجميع، مات سنة أربع وأربعين ومائة أو بعدها، "قال: أهل العلم أهل توسعة، وما برح المفتون يختلفون، فيحل هذا ويحرم هذا، فلا يعيب هذا على هذا" لأنه بحسب فهم الأدلة في الأحكام الاجتهادية، "أشار إليه شيخنا" السخاوي "في المقاصد الحسنة" في الأحاديث المشهورة على الألسنة.
"ومنها: أن الطاعون" فاعول من الطعن، عدلوا به عن أصله، ووضعوه دالا على الموت العام، كالوباء، ذكره الجوهري، "لهم شهادة" أي: سبب لكون الميت به شهيدًا، وظاهرًا يشمل الفاسق، فيكون شهيدًا، لكنه لا يساوي مرتبة مسلم غير فاسق في أنه يغفر له جميع ذنوبه، وإنما يغفر له غير حق الآدمي، أخذًا من خبر: إن الشهداء يغفر لهم كل ذنب إلا الدين، قال شيخ الإسلام زكريا وهو ظاهر، "ورحمة" رحم بها المؤمنين، وهل المراد بهم الكمل أو أعم احتمالان، "وكان على الأمم عذابًا" ففيه مزيد عناية بهذه الأمة، حيث جعل ما كان عذابًا

<<  <  ج: ص:  >  >>