للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أنهم إذا شهد اثنان منهم لعبد بخير وجبت له الجنة، وكانت الأمم السالفة إذا شهد منهم مائة.

ومنها أنهم أقل الأمم عملا، وأكثرهم أجرًا.


ولم أره بلفظ إخوانكم بعد التتبع الطويل البالغ في شيء من طرق الحديث المسندة، ولا في الكتب المشهورة، ولا الأجزاء المنثورة، وعزاه بعض لمسند أحمد، والطبراني وابن أبي الدنيا، ولا وجود له فيها.
قال السيوطي: وأما تسميتهم إخوانًا في حديث المطعم، فباعتبار الإيمان، فإن الأخوة في الدين لا تستلزم الاتحاد في الجنس.
"ومنها: أنهم إذا شهد اثنان منهم" عدلان، لا نحو فاسق ومبتدع، "لعبد بخير" بعد موته؛ بأن أثنيا عليه بخير، فليس المراد الشهادة عند القاضي، ولا لفظ أشهد بخصوصه، "وجبت له الجنة" قال الحافظ: أي ثبتت، أو هو في صحة الوقوع كالواجب، إذ لا يجب على الله شيء، بل الثواب فضل، والعقاب عدل، لا يسأل عما يفعل، والمراد مع السابقين الأولين، أو من غير سبق عذاب، وإلا فكل من مات مسلمًا دخلها، ولا بد شهد له أحد، أم لا.
روى أحمد والبخاري والنسائي عن عمر، مرفوعًا: "أيما مسلم شهد له أربعة أدخله الله الجنة" قيل: وثلاثة؟ قال: "وثلاثة"، قيل: واثنان؟ قال: "واثنان" ثم لم نسأله عن الواحد.
قال النووي: في معناه قولان: أحدهما: أن هذا الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل، وكان ثناؤهم مطابقًا لأفعاله، فيكون من أهل الجنة، فإن لم يكن كذلك، فليس هو مراد بالحديث.
والثاني: وهو الصحيح المختار، أنه على عمومه وإطلاقه، وإن كل مسلم مات فألهم الله تعالى الناس أو معظمهم الثناء، عليه كان ذلك دليلا على أنه من أهل الجنة، سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك، أم لا؟ لأنه وإن لم تكن أفعاله تقتضيه فلا تتحتم عليه العقوبة، بل هو في المشيئة، فإذا ألهم الله الناس الثناء عليه، دل ذلك على أنه شاء المغفرة له، وبهذا تظهر فائدة الثناء، وقوله صلى الله عليه وسلم: "وجبت وأنتم شهداء الله"، ولو كان لا ينفعه ذلك إلا أن تكون أعماله تقتضيه، لم يكن للثناء فائدة، وقد أثبت صلى الله عليه وسلم له فائدة، انتهى، وترك الشهادة بالشر لفهم حكمه قياسًا أو اختصارًا، وهو أظهر؛ كما قال الحافظ، وبه صرح حديث أنس في الصحيحين مرفوعًا: "من أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرًا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض". "وكانت الأمم السالفة إذا شهد منهم مائة" لحديث أبي يعلى، أن الأمم السابقة المائة، أمة إذا شهدوا لعبد بخير وجبت له الجنة، وأن أمتي الخمسون، منهم أمة، فإذا شهدوا لعبد بخير وجبت له الجنة.
"ومنها: أنهم أقل الأمم عملا، وأكثرهم أجرًا" لخبر مالك، وأحمد، والبخاري، عن ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>