للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روينا من طريق أبي العباس الدغولي قال: سمعت محمد بن حاتم بن المظفر يقول: إن الله تعالى قد أكرم هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد موصول، إنما هو صحف في أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم، فليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي اتخذوها عن غير الثقات.

وهذه الأمة الشريفة -زادها الله شرفًا بنبيها- إنما تنص الحديث عن الثقة المعروف


يطلب أمر دينه بلا إسناد، كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم، وقال سفيان الثوري: الإسناد سلاح المؤمن، فإذا لم يكن معه سلاح، فبأي شيء يقاتل؟ وقال الشافعي: مثل الذي يطلب الحديث بلا إسناد، كمثل حاطب ليل.
وفي تاريخ الحاكم عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال: كان عبد الله بن طاهر إذا سألني عن حديث فذكرته له بلا إسناد سألني عن إسناده، ويقول: رواية الحديث بلا إسناد من عمل الزمنى. فإن إسناد الحديث كرامة من الله تعالى لأمة محمد، وقيل في قوله تعالى: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} : إسناد الحديث، وقال بقية: ذاكرت حماد بن زيد بأحاديث، فقال: ما أجودها لو كان لها أجنحة، يعني إسنادًا.
"وقد روينا من طريق" الإمام "أبي العباس" محمد بن عبد الرحمن "الدغولي" بفتح الدال المهملة، والغين المعجمة، فواو، فلام، نسبة إلى دغول رجل، ويقال للخبز الذي ليس رقيقًا بسرخس دغول.
قال ابن الأثير: فلعل بعض أجداد المنتسب كان يخبزه، "قال: سمعت محمد بن حاتم بن المظفر يقول: إن الله تعالى قد أكرم هذه الأمة، وشرفها، وفضلها، بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد موصول، إنما هو صحف في أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم، فليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي اتخذوها" أي: نقلوها "عن غير الثقات".
قال ابن حزم: نقل الثقة حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم مع الاتصال شيء خص به المسلمون دون جميع الملل، أما مع الإرسال والإعضال، فيوجد في اليهود، لكن لا يقربون به من موسى قرينًا من نبينا، بل يقفون حيث يكون بينهم وبينه أكثر من ثلاثين نفسًا، وإنما يبلغون به إلى مانوح وشمعون.
وأما النصارى، فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق، "وهذه الأمة الشريفة زادها الله شرفًا بنبيها إنما تنص" أي: تروي "الحديث عن الثقة المعروف في

<<  <  ج: ص:  >  >>