للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمة.

ومنها: أنهم أوتوا الأنساب والإعراب، قال أبو بكر محمد بن أحمد: بلغني أن الله خص هذه الأمة بثلاثة أشياء لم يعطها من قبلها: الإسناد والأنساب والإعراب، انتهى. وهو مروي عن أبي علي الجياني.


الأمة" وهذا رواه ابن عساكر، عن الرازي المذكور بلفظ: "لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمة يحفظون آثار نبيهم وأنساب خلفهم كهذه الأمة".
وفي تاريخ ابن عساكر أيضًا، عنه: "لم يكن في أمة من الأمم أمة يحفظون آثار نبيهم غير هذه الأمة" فقيل له: ربما رووا حديثًا لا أصل له، قال علماؤهم: يعرفون الصحيح من السقيم، فروايتهم للواهي للمعرفة ليتبين لمن بعدهم أنهم ميزوا الآثار فيه وحفظوها.
وأخرج الحاكم، وأبو نعيم، وابن عساكر، عن علي مرفوعًا: "إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بإسناده؛ فإن يك حقًا كنتم شركاء في الأجر، وإن يكن باطلا كان وزره عليه"، وفيه شرف أصحاب الحديث، ورد على من كره كتابته من السلف، والنهي عنه في خبر آخر منسوخ أو مؤول.
"ومنها: أنهم أوتوا الأنساب" أي: معرفتها "والإعراب" أي: الإبانة والكلام الفصيح، وكل منهما مما يتنافس فيه المتنافسون، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منساة في الأثر"، رواه أحمد، والترمذي، والحاكم صحيحًا عن أبي هريرة، ولا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم: "علم النسب علم لا ينفع، وجهالة لا تضر"، رواه أبو نعيم وغيره عن أبي هريرة؛ لأن المنهي عنه الاسترسال فيه، بحيث يشتغل به عما هو أهم منه، كما يفيده قوله: "وجهالة لا تضر".
أما علمه بقدر ما يصل به رحمه، فمحبوب مطلق، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، ثم انتهوا وتعلموا من العربية ما تعرفون به كتاب الله، ثم انتهوا" رواه ان زنجويه.
"قال أبو بكر محمد بن أحمد" بن عبد الباقي، بن منصور البغدادي، الحافظ، الإمام، القدوة، كان فاضلا، حسن القراءة للحديث، ورعًا، ثبتًا، زاهدًا، ثقة، قائمًا باللغة، علامة في الأدب، مات في ثاني ربيع الأول، سنة تسع وثمانين وأربعمائة، "بلغني أن الله خص هذه الأمة بثلاثة أشياء، لم يعطها من قبلها من الأمم الإسناد، والأنساب والإعراب، انتهى، وهو مروي عن أبي علي" الإمام، الحافظ، الثبت، الحسين بن محمد الأندلسي، "الجياني" بفتح الجيم، والتحتية الثقيلة، ونون. بلدة كبيرة بالأندلس، ولد في محرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، وأخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>