للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن خصائص هذه الأمة أنهم يدخلون الجنة قبل سائر الأمم، رواه الطبراني -في الأوسط- من حديث عمر بن الخطاب مرفوعًا: "حرمت الجنة على الأنبياء حتى أدخلها، وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي".

ومنها: أنه يدخل منهم الجنة سبعون ألفًا بغير حساب رواه الشيخان


بذلك، حيث اعتنى به، فدعا له بأضعاف مثل ما دعا للنبي صلى الله عليه وسلم، وأجاب شيخنا؛ بأن الظاهر أن ذلك لا يمتنع؛ لأن الداعي لم يقصد بذلك تعظيم غيره صلى الله عليه وسلم، بل كلامه محمول على إظهار احتياج غيره للرحمة منه سبحانه، فاعتناؤه بل للاحتياج المذكور، وللإشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم لقرب مكانته من الله جل وعز الإجابة بالنسبة له محققة، وغيره لبعد رتبته عما أعطيه صلى الله عليه وسلم لله، لا تحقق الإجابة له، بل قد لا تكون مظنونة، فناسب تأكيد الدعاء له وتكريره رجاء الإجابة، انتهى، وهو توجيه وجيه، لكن الأولى ترك ما يوهم ببادئ الرأي، ولا يصحح إلا بمزيد تحقيق وتدقيق.
"ومن خصائص هذه الأمة: أنهم يدخلون الجنة قبل سائر الأمم" كما رواه ابن ماجه عن عمر، "وروى الطبراني في الأوسط من حديث عمر بن الخطاب، مرفوعًا" إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "حرمت" أي: منعت "الجنة على الأنبياء" زاد في رواية الدارقطني: كلهم "حتى أدخلها وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي" أي: أن المطيع الذي لم يعذب من أمته يدخلها قبل المطيع الذي لم يعذب من أمة غيره، والداخل للنار من أمته يدخل الجنة قبل الداخل للنار من أمة غيره، فالمراد أن جملة أمته، وتمام دخولها الجنة سابق على دخول أمة غيره، فلا يرد ما قد يتوهم أنه لا يدخل أحد من سابقي الأمم الطائفين إلا بعد خروج العاصين من الأمة المحمدية من النار، وقد أخذ من الحديث أن هذه الأمة يخفف عن عصاتها أو يخرجون قبل عصاة غيرها.
قال ابن القيم: فهذه الأمة أسبق الأمم خروجًا من الأرض، وأسبقهم إلى أعلى مكان في الموقف، وإلى ظل العرش، وإلى فصل القضاء، وإلى الجواز على الصراط، وإلى دخول الجنة.
"ومنها: أنه يدخل منهم الجنة سبعون الفًا" زمرة واحدة "بغير حساب" ولا عذاب، بدليل رواية: "ولا حساب عليهم ولا عذاب"، "رواه الشيخان" عن أبي هريرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يدخل الجنة من أمتي زمرة، هم سبعون ألفًا، تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر"، فقام عكاشة بن محصن الأسدي يرفع نمرة عليه، فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم؟ فقال: "اللهم اجعله منهم". ثم قام رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم؟ فقال: "سبقك بها عكاشة".
وفي الصحيحين عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد، ورفع لي سواد عظيم، فظننت أنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>