للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل وجه النظر في جهة معرفة المتقدم تاريخًا من ذلك، ثم رأيت في تاريخ ابن كثير أن وجه النظر -من جهة- أن هذا من رواية أبي سعيد وأبي هريرة، وما هاجر أبو هريرة إلا عام خيبر، فيبعد أنه لم يعلمه بهذا إلا بعد هذا.

وقال آخر: إنما قاله صلى الله عليه وسلم على طريق التواضع ونفي التكبر والعجب.

قال القاضي عياض: وهذا لا يسلم من الاعتراض.

وقيل: لا نفضل بعضهم تفضيلًا يؤدي إلى تنقيص بعضهم أو الغض منه.


انتهى، ولعل وجه النظر من جهة معرفة المتقدم تاريخًا من ذلك" يعني أنه يتوقف على العلم بتقدم النهي على العلم بأنه سيد ولد آدم ولم يعلم التاريخ، أو فيه مضاف، أي: جهة جهل معرفة إلخ، "ثم رأيت في تاريخ ابن كثير: أن وجه النظر من جهة، إن هذا من رواية أبي سعيد" الخدري، "وأبي هريرة" الدوسي، "وما هاجر أبو هريرة إلا عام خيبر" بالمعجمة وراء آخره على الصواب في المحرم سنة سبع، ونسخة حنين تصحيف، "فيبعد أنه لم يعلمه" الله تعالى "بهذا إلا بعد هذا" بل أعلمه فضله قبل ذلك.
قال السبكي: وفي حديث الإسراء ما يدل عليه. انتهى، ومن جملته قول إبراهيم: بهذا فضلكم محمد، "وقال آخر: إنما قاله صلى الله عليه وسلم على طريق التواضع" لين الجانب، وخفض الجناح، "ونفي التكبر" إظهارًا لعظمة، "والعجب" بضم فسكون، استحسان النفس والمدح لها.
"قال القاضي عياض: وهذا لا يسلم من الاعتراض"؛ لأنه عد الإخبار بخلاف الواقع الذي هو كذب مذموم تواضعًا، قيل: ولأن نفي التكبر والعجب يقتضي ثبوتهما له، وأنه مع من علم من حاله كيف يتوهم فيه ما لا يتوهم في صالحي أمته، ولا يخفى أنه اعتراض ساقط، فإن التواضع صفة محمودة، وهو من شأنه صلى الله عليه وسلم، كذا في شرح الشفاء.
وقال شيخنا: لأنه صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يفتخر من باب التحدث بالنعمة، بل المطلوب منه أن يظهر فضله لأمته، ليقوي إيمانهم به، ولئلا يجهلوا مقام فيضلوا.
"وقيل": مما ذكر عياض أيضًا: "لا نفضل بعضهم تفضيلًا يؤدي" بضم التحتية وفتح الهمزة وشد الدال، يجر ويوصل "إلى تنقيص بعضهم" تفعيل من النقص، أي: يقتضي وصفهم بما فيه نقص، "أو الغض منه" بفتح الغين والضاد المعجمتين، أي: انتقاصه، كما في القاموس وغيره، فهو مساو لما قبله، ولا يصلح أنه عطف تفسير؛ لأنه إنما يكون بالواو إلا أن تكون، أو استعملت بمعنى الواو مجازًا، فعوملت معاملتها.
وقد ورد هذا الجواب؛ بأنه إن أريد مطلق النقص، فهذا لا يقوله مسلم، وإن أريد نقص

<<  <  ج: ص:  >  >>