للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أنه اطرد في الكتاب والسنة تقديم ذكرهم على ذكر الأنبياء، وما ذاك إلا لتقدمهم في الشرف والرتبة.

والجواب: أن ذلك لتقدمهم في الوجود، أو؛ لأن وجودهم أخفى فالإيمان بهم أقوى وبالتقديم أولى.

الرابع: قوله تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [النساء: ١٧٢] ، فإن أهل اللسان يفهمون من ذلك أفضلية الملائكة من عيسى، إذ القياس في مثله الترقي من الأدنى إلى الأعلى، يقال: لا يستنكف من هذا الأمر الوزير ولا السلطان، ولا يقال: السلطان، ولا الوزير، ثم لا


أصحاب الأسماء، وهي المسميات لقوله: {ثُمَّ عَرَضَهُم} ، ولو أراد الأسماء لقال: ثم عرضها، كما قاله ثعلب، ولو سلم أنهم أعلم، فإنما يدل على اختصاصهم بالأعلمية، ولا يلزم أن يكونوا أفضل عند الله، بمعنى أكثر ثوابًا وأرفع درجة.
"الثالث: أنه اطرد في الكتاب والسنة تقديم ذكرهم على الأنبياء" كقوله: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: ٧٥] ، "وما ذاك إلا لتقدمهم في الشرف والرتبة"؛ لأن العرف شاهد بفضيلة المتقدم في الذكر، والأصل تنزيل الشرع عليه، ويدل عليه قول عمر للقائل:
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيًا ... لو قدمت الإسلام لأعطيتك
"والجواب: أن ذلك لتقدمهم في الوجود" لا للدلالة على الفضيلة، بدليل أنه تعالى قدم ذكرهم على كتبه، والكتب على الرسل، والكتب إن كانت هي الكلام القديم النفساني، فهي أفضل من الملائكة، وإن كانت العبارات والكتابات الدالة، فالرسل أفضل منها باتفاق وقد أخر الرسل عنها في الذكر، قاله الآمدي. "أو؛ لأن وجودهم أخفى" لعدم رؤيتنا لهم، ولذا استدلوا على وجودهم بالأدلة السمعية، كذكرهم في الكتب السماوية، وأخبار الأنبياء بهم، "فالإيمان بهم أقوى، وبالتقديم أولى"؛ لأن الله أثنى على الذين يؤمنون بالغيب، أي: بما غاب عنهم.
"الرابع: قوله تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِف} يتكبر ويأنف {الْمَسِيحُ} الذي زعمتم أنه إله عن {أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [النساء: ١٧٢] ، عنده، أن يكونوا عبيد الله، "فإن أهل اللسان يفهمون من ذلك أفضلية الملائكة من" أي: على "عيسى، إذ القياس في مثله الترقي من الأدنى إلى الأعلى، يقال: لا يستنكف من هذا الأمر الوزير، ولا السلطان، ولا يقال: السلطان ولا الوزير" إذ لا يحسن ذلك لاقتضائه زيادته على السلطان، ولا كذلك، فدل

<<  <  ج: ص:  >  >>