للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابن عطاء: جعلتك ذكرًا من ذكري، فمن ذكرك ذكرني، وعنه أيضًا: جعلت تمام الإيمان بذكري معك.

وعن جعفر بن محمد الصادق: لا يذكرك أحد بالرسالة إلا ذكرني بالربوبية.


في عصره، والفضل للمتقدم، "قاله يحيى بن آدم" بن سليمان، "الكوفي" أبو زكريا، مولى بني أمية، ثقة، حافظ، فاضل، روى عنه أحمد وغيره، وروى له الستة، ومات سنة ثلاث ومائتين.
"وعن ابن عطاء" بلا إضافة، هو أبو العباس أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء البغدادي، الزاهد، الآدمي: "بفتحتين" نسبة إلى بيع الأدم، له لسان في فهم القرآن، يختص به صحب الجنيذ وغيره، ومات سنة تسع أو إحدى عشرة وثلاثمائة.
"جعلتك" أي: ذكرك "ذكرًا من ذكري" أو جعلت ذاتك مبالغة حتى كان من رأى ذاته ذكر الله، أو المعنى كان ذكرك عين ذكري، لعدم انفكاكه عنه غالبًا، أو هو مثله في التقرب به والأجر، أو هو معدود من أفراده؛ لأن كل مطيع لله ذاكره، "فمن ذكرك ذكرني" الفاء تفسيرية، أو تفريعية، "وعنه أيضًا: جعلت تمام الإيمان بذكري معك" وفي نسخة من الشفاء: بذكرك معين وهذه واضحة، والأولى مخالفة لقاعدة أن مع تدخل على المتبوع غالبًا، وقد تجيء لمطلق المصحابة، كما هنا، أي: جعلته يحصل بذكر الله مصحوبًا بذكره عليه السلام، بأن يأتي بالشهادتين على الوجه المعروف، وجعله تمام الإيمانن إما؛ لأن الإيمان عنده تصديق القلب واللسان، كما هو قول لأهل السنة، وأما من يقول مجرد التصديق، فباعتبار أنه لا يعتد به بدونه، ولا تترتب عليه الأحكام، ما لم يأت به لسانًا.
"وعن جعفر بن محمد" الباقر بن علي زين لعابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، "الصادق" صفة لجعفر لصدقه في مقاله أبي عبد الله الهاشمي، ففي، إمام، صدوق، روى له مسلم، وأصحاب السنن، ومات سنة ثمان وأربعين ومائة، "لا يذكرك أحد بالرسالة إلا ذكرني بالربوبية" صيغة مصدر من الرب، والياء للمصدرية، فلا بد معها من تاء التأنيث، يعني لا يعترف أحد برسالتك إلا بعد أن يعترف بربوبية الله ووحدانيته، لوجوب معرفة الله عقلًا قبل ذلك، لئلا يلزم الدور، كما ذهب إليه الماتريدية، أو سمعًا، كما ذهب إليه غيرهم، وقيل: المراد أو أراد ذلك، أو عبر بالماضي عن المضارع مبالغة في تحقق وقوعه، ولا يشكل الأول بعدم مقارنة الحال للعامل، لتقدم الإيمان بالله، أو إرادته على الإيمان بالرسول، وأما التلفظ بما يدل على ذلك، فذكره عقبه بلا فاصل بعده، مقارنًا عرفًا، ومثله يكفي عند النحاة، فلا حاجة لجعل الحال مقدرة، ودعوى عدم اختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك مدفوعة، بأن هذه المقارنة في الأذان، والإقامة والخطب، والصلاة والإيمان، وهذا كله مختص بهذه الأمة، فتختص المقارنة على هذه الصفة

<<  <  ج: ص:  >  >>