للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو مذكور معه في الشهادة والتشهد، ومقرون ذكره بذكره في القرآن والخطب والآذان، ويؤذن باسمه في موقف القيامة.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة رفعه: "لما نزل آدم عليه السلام بالهند استوحش فنزل له جبريل عليه السلام فنادى بالأذان: الله أكبر، الله أكبر مرتين، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدًا رسول الله مرتين"، الحديث.


يقول" مستثنى من أعم الأحوال، أي: ليس في حال من الأحوال إلا قائلًا: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. انتهى" قول قتادة.
وأورد أن أمر الآخرة لا يعلم بالمقايسة، فرفع ذكره في الدنيا لا يستلزم رفعه في الآخرة، وأجيب؛ بأهنه أخذه من إطلاق الآية، والحديث: "ورفع ذكره في الدنيا عنوان رفعه في الأخرى"، ووجه التفريع، أن من رفع ذكره في الدارين حقيق بأن يشهد له بذلك، فهو بيان لبعض الأحوال التي تفعل في الدنيا، وليس فيها شيء من أحوال الآخرة، وإن شمله قوله في الدنيا والآخرة لما ذكره ولغيره، فيندرج فيه ما يفعل في الآخرة، "فهو مذكور معه" تفريع على قول قتادة، "في الشهادة" دخولًا في الإيمان، وثناء عليه بعده، "والتشهد"؛ لأن الشهادة من جملة ألفاظه الواردة فيه، سواء كان بلفظ حديث ابن مسعود: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله"، أو بلفظ حديث غيره: "وأن محمدًا رسول الله"، "ومقرون ذكره بذكره في القرآن" أي: مصاحب له، فالمقارنة المصاحبة، كما قيل:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي
"والخطب" الشرعية الكاملة، "والأذان، ويؤذن باسمه في موقف القيامة" إظهار الرفعة قدرة في ذلك الموطن.
روى ابن زنجويه عن كثير بن مرة الخضرمي، مرفوعًا: "يبعث بلال على ناقة من نوق الجنة، ينادي على ظهرها بالأذان، فإذا سمعت الأنبياء وأممها، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، قالوا: ونحن نشهد على ذلك".
"وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة رفعه: "لما نزل آدم عليه السلام بالهند استوحش": حصل له وحشة لانفراده، "فنزل له جبريل عليه السلام فنادى بالأذان: الله أكبر، الله أكبر مرتين، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدًا رسول الله مرتين"، الحديث ورواه أيضًا الحاكم وابن عساكر، وحكمة ذلك التنويه باسمه في عهد آدم، ومصاحبته لاسم الله، وأن الأذان ينفع المستوحش الحزين.

<<  <  ج: ص:  >  >>