وقد أخرج عبد بن حميد عن مجاهد، قال: لما نزلت: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي} ، قال أبو بكر: يا رسول الله ما أنزل الله عليك خيرًا إلا أشركنا فيه، فنزلت: {هوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} . وقال الإمام الرازي: صلاة الملائكة على المؤمنين بطريق التبعية لصلاته تعالى عليهم، فتأخر ذكرها، وصلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم بطريق الأصالة، ففيها تفضيله على غيره، كما إذ قيل يدخل فلان وفلان، فإنه يدل على تقديم الأول، بخلاف فلان وفلان يدخلان. انتهى، ولا يرد بأن الواو لمطلق الجمع بلا ترتيب؛ لأن ملحظه؛ أن التقديم الذكري يشعر بالاهتمام، والتقديم لا من حيث الواو. "وكتبه نبيًا وآدم بين الروح والجسد" كما مر مبسوطًا في المقصد الأول، "وختم به النبوة والرسالة" فلا نبي بعده، ولا رسول، "وأعلن بذكره الكريم" أي: أظهره "في الأولين والآخرين، ونوه" رفع "بقدره الرفيع" العالي، "حين أخذ الميثاق على جميع النبيين" كما قال: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران: ٨١] ، "وجعل ذكره في فواتح الرسائل وخواتمها، وشرف به المصاقع" بالصاد المهملة والقاف، الخطباء الفصحاء البلغاء، جمع مصقع بكسر الميم، "على المنابر" جمع منبر من النبر، وهو الارتفاع، "وزين بذكره أرباب الأقلام والمحابر" جمع محبرة بفتح الميم والباء، أو فتحها وضم الباء، أو كسرها وفتح الباء؛ لأنه آلة،