للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبرًا، حتى في السماوات السبع وعند المستوى وصريف الأقلام، والعرش والكرسي، وسائر الملائكة المقربين من الكروبين والروحانيين والعلويين والسفليين، وجعله في قلوب المؤمنين بحيث يستطيبون ذكره فترتاح أرواحهم، وربما من طرب سماع اسمه أشباحهم.

وإذا ذكرتم أميل كأنني ... من طيب ذكركم سقيت الراحا

كأنه تعالى يقول: أملأ الوجود كله من أتباعك، كلهم يثنون عليك، ويصلون عليك، ويحفظون سنتك، بل ما من فريضة من فرائض الصلاة إلا ومعها سنة، فهم يتمسكون في الفريضة بأمري، وفي السنة بأمرك، وجعلت طاعتي طاعتك، وبيعتي بيعتك، فالقراء يحفظون ألفاظ منشورك، والمفسرون يفسرون معاني فرقانك،


أجودها الأولى، "ونشر ذكره في الآفاق" النواحي "شرقًا وغربًا، بحرًا وبرًا، حتى في السموات السبع، وعند المستوى، وصريف الأقلام" تصويتها، "والعرش، والكرسي، وسائر": بمعنى جميع "الملائكة المقربين من الكروبين"، بالتخفيف، سادة الملائكة، "والروحانيين" "بفتح الراء وضمها"، "والعلويين"، أي: الملازمين للسماوات، "والسفليين" من عداهم كالموكلين بحفظ بني آدم ومصالحهم، "وجعله في قلوب المؤمنين بحيث يستطيبون ذكره" ويتلذذون به، "فترتاح أرواحهم، وربما تميل من طرب سماع اسمه أشباحهم" أجسادهم، وأنشد لغيره قوله:
وإذا ذكرتم أميل كأنني ... من طيب ذكركم سقيت الراحا
قال المجد: الراح: الخمر، كالرياح "بالفتح" والارتياح؛ "كأنه تعالى يقول: أملأ الوجود كله" علويه وسفليه، "من أتباعك، كلهم يثنون عليك، ويصلون عليك، ويحفظون سنتك" وقد قال: "إلا أني أوتيت الكتاب"، ومثله معه، الحديث رواه أحمد وأبو داود، "بل ما من فريضة من فرائض الصلاة إلا ومعها سنة" مما سنه، كتكبيرة الإحرام معها رفع اليدين، والفاتحة معها السورة، وهكذا "فهم يتمسكون في الفريضة بأمري، وفي السنة بأمرك"؛ لأنه من أمري، "وجعلت طاعتي طاعتك" في نحو قولي: "من يطع الرسول فقد أطاع الله"، "وبيعتي بيعتك" إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله، وأتى بهما على القلب للمبالغة، "فالقراء يحفظون ألفاظ منشورك" على اختلاف القراءات الواردة عنك متواترة وغيرها، ويوجهون ما قد يخفى من جهة اللسان بأوجه متعددة، أو وجه هؤلاء هم القراء.
"والمفسرون يفسرون معاني فرقانك" بما ورد عنك، وعن أصحابك، وتابعيهم، وما

<<  <  ج: ص:  >  >>