للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوعاظ يبلغون بليغ وعظك، والملوك والسلاطين يقفون في خدمتك ويسلمون عليك من وراء الباب، ويمسحون وجوههم بتراب روضتك، ويرجون شفاعتك، فشرفك باق أبد الآبدين، والحمد لله رب العالمين.

وقال تعالى: {طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: ١-٢] .

اعلم أن للمفسرين في قولين، أحدهما: أنها من حروف التهجي، والثاني أنها كلمة مفيدة.

وعلى القول الأول: قيل معناها، يا مطمع الشفاعة للأمة، ويا هادي الخلق إلى الملة، وقيل: "الطاء" في الحساب بتسعة والهاء بخمسة، فالجملة أربعة عشرة، ومعناها: يا أيها البدر، وهذه الأقوال لا يعتمد عليها إذ هي، كما قال المحققون،


استنبطوه من اللغة، واستخرجوه من علوم البلاغة، "والوعاظ" المذكرون، "يبلغون بليغ وعظك" من إضافة الصفة للموصوف، أي: وعظك البليغ، "والملوك والسلاطين يقفون في خدمتك، ويسلمون عليك من وراء الباب" ادبًا واحتشامًا، "ويمسحون وجوههم بتراب روضتك، ويرجون شفاعتك، فشرفك باق أبد الآبدين، والحمد لله رب العالمين" على ذلك الفضل العظيم.
"وقال تعالى: {طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: ١-٢] من الشفاء والتعب، أو الشقاوة على ما يأتي.
"اعلم أن للمفسرين في قولين أحدهما: أنها" أي: هذه اللفظة، وإلا فهي حرفان، "من" أسماء "حروف التهجي والثاني: أنها كلمة مفيدة" أي: مركبة، لا مقطعة، من أسماء حروف التهجي.
"وعلى القول الأول: قيل معناها" الذي أريد بها، "يا مطمع"، بزنة مقعد "الشفاعة للأمة" أي: يا من هو محل تطمعها في الشفاعة لها، "ويا هادي الخلق إلى الملة"، يحتمل أن الاسم مركب من مجموع النداءين، وأن كل واحد منهما مسمى لمجموع الطاء والهاء، ومقتضى قول عياض، وقيل: هي حروف مقطعة لمعان الأول، فالطاء للأول، والهاء للثاني.
"وقيل: الطاء في الحساب بتسعة، والهاء بخمسة، فالجملة أربعة عشر، ومعناها: يا أيها البدر" ذكره معرفًا باللام، إشارة إلى أنه الكامل المنير، السالم من العوارض، "وهذه الأقوال" استعمل الجمع في اثنين؛ لأنه الذي قدمه بناء على أنهما أقله، فهو حقيقة، أو مجاز من استعمال الكل في البعض، بناء على أن أقله ثلاثة "لا يعتمد عليها، إذ هي، كما قال

<<  <  ج: ص:  >  >>