للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السدي: معنى طه يا فلان.

وقال الزمخشري: لعل "عكا" تصرفوا في "يا هذا" كأنهم في لغتهم قالبون "الياء" "طاء" فقالوا: في "يا طا" واختصروا هذا فاقتصروا على "ها" وأثر الصيغة ظاهر لا يخفى في البيت المستشهد به:

إن السفاهة طه في خلائقكم ... لا قدس الله أخلاق الملاعين

انتهى.


عدنان، أخو معد، وهو اليوم باليمن، "يا رجل لم يجبك حتى تقول طه"؛ لأنها لغتهم، ولا يعلمون لفظ يا رجل.
"وقال السدي" بضم السين وشد الدال: "معنى طه، يا فلان" كناية عن اسم الإنسان دون قصد واحد بعينه، نحو: رأيت زيدًا، فقلت له يا فلان افعل كذا، بخلاف يا رجل، القصد به يا هذا، لذكره من بني آدم.
"وقال الزمخشري: لعل عكا تصرفوا في يا هذا، كأنهم في لغتهم قالبون الياء طاء" الأحسن أن يقول ياء بلا أل؛ لأن الكلمة المركبة من حرفين فصاعدًا، إنما ينطق بلفظها، لا بحروف هجائها، والياء إنما هي اسم لأحد حروف التهجي.
"فقالوا في يا طا" أي: ذكروا بدل لفظ يا لفظ طا، ففي للبدل، وكذا في الكشاف بني، ويقع في بعض نسخ المصنف بإسقاط في على حذف مضاف، أي: بدل يا طا.
"واختصروا" لفظ "هذا" بحذف الذال، "فاقتصروا على ها" مضمومة إلى طا، فصار طه بالقصر؛ لأن أسماء حروف التهجي ما لم تلها العوامل، موقوفة، خالية من الإعراب، لفقد موجبه، لكنها قابلة إياه، معرضة له، إذا لم تناسب مبني الأصل، ولذا قيل ق وص مجموعًا فيهما بين الساكنين، ولم يعامل معاملة أين وما ولا، قاله في الأنوار.
"وأثر الصيغة ظاهر لا يخفى في البيت المستشهد به" وهو: "إن السفاهة طه" أي: يا رجل "في خلائقكم" أي: طبائعكم، "لا قدس الله أخلاق الملاعين": جمع ملعون، أي: مطرود، كما في القاموس وغيره.
وقول بعض: سموا ملاعين؛ لأنهم يلعنون الناس كثيرًا، لا يناسب اللغة، ولم يذكر المجد أن أخلاق من جموع خليقة، فيحتمل أنه جمع خلق، كعنق وأعناق، فيكون هجاهم أولًا بأن طبيعتهم مجبولة على السفاهة، ثم دعا على خلقهم.
"انتهى" كلام الزمخشري.

<<  <  ج: ص:  >  >>