للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إياك، و"هرقت" في: أرقت. ويجوز أن يكون الأصل من وطأ على ترك الهمزة، فيكون أصله "طا" يا رجل ثم أثبت الهاء فيه للوقف. وعلى هذا يحتمل أن يكون أصل "طه": طاها، والألف مبدلة من الهمزة والهاء كناية عن الأرض. لكن برد ذلك: كتبها على صورة الحرف.

وأما قوله تعالى: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} ، فذكروا في سبب نزولها أقوالًا:

أحدها: أنا أبا جهل والوليد بن المغيرة ومطعم بن عدي قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لتشقى حيث تركت دين آبائك، فقال صلى الله عليه وسلم: "بل بعثت رحمة للعالمين"، فأنزل الله تعالى هذه الآية ردًا عليهم، وتعريفًا له صلى الله عليه وسلم، بأن دين الإسلام


عليه جبريل، فقال: طه، طا الأرض بقدميك يا محمد، فأمر بأن يطأ الأرض بقدميه معًا، "وأن الأصل طاء، فقلبت همزته هاء، كما قالوا هياك" بكسر الهاء "في إياك، وهرقت في أرقت، ويجوز أن يكون الأصل من وطأ على ترك الهمزة".
قال الطيبي: بأن قلبت ألفًا، وبني الأمر عليه، وإذا بني عليه، "فيكون أصله طا يا رجل، ثم أثبت الهاء فيه للوقف" أي: السكت، فصار طه، "وعلى هذا يحتمل أن يكون أصل طه طاها، والألف مبدلة من الهمزة، والهاء كناية عن الأرض" أي: الضمير راجع إليها، لعلمها، من قرينة الحال، والضمير يسمى كناية عند النحاة، ويحتمل أنه أراد أن الهاء وحدها ضمير، كما عليه بعض النحاة، أو أن ها اسم لحرف مأخوذ من ها اسم للضمير، فهي كناية اصطلاحية عنه، لا أنه ضمير، "لكن يرد ذلك" كما قال البيضاوي: "كتبهما على صورة الحرف"، وتعقب بأن رسم المصحف غير قياسي، كما رسم المؤمنون بأن ألف في الإمام.
"وأما قوله تعالى: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ لْقُرْآنَ لِتَشْقَى} ، فذكروا في سبب نزولها أقوالًا" منها ما تقدم.
وأخرج البزوار عن علي، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يراوح بين قدميه، يقوم على كل رجل، حتى نزلت: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} .
"أحدها" ما عند ابن مردويه، بمعناه عن ابن عباس؛ "أن أبا جهل" فرعون الأمة، "والوليد بن المغيرة، ومطعم بن عدي، قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لتشقى حيث تركت دين آبائك" ومرادهم ضد السعادة، "فقال صلى الله عليه وسلم: "بل بعثت رحمة للعالمين" فكيف أشقى أنا، "فأنزل الله تعالى هذه، ردًا عليهم وتعريفًا له صلى الله عليه وسلم بأن دين الإسلام والقرآن هو" أي: المذكور "السلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>