"وثانيها: أنه" كما رواه ابن مردويه عن علي، بمعناه أنه "صلى الله عليه وسلم" لما نزل عليه: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} "صلى بالليل حتى تورمت قدماه، فقال له جبريل": بأمر الله "ابق على نفسك، فإن لها عليك حقًا. أي: ما أنزلنا عليك القرآن لتنتهك" تتعب وتؤلم "نفسك بالعبادة" الزائدة، "وتذيقها المشقة العظيمة"، بالسهر وقيام الليل، "وما بعثت إلا بالحنيفية السمحة" السهلة التي لا تعب فيها، "وروي أنه كان إذا قام من الليل ربط صدره بحبل حتى لا ينام" مبالغة في امتثال الأمر. "وقال بعضهم: كان يسهر طول الليل" في ابتداء أمره، حتى أمر بالتخفيف، "وتعقب بأنه بعيد؛ لأنه صلى الله عليه سولم إن فعل شيئًا من ذلك، فلا بد أن يكون فعله بأمر الله تعالى" وهذا ممنوع؛ لأنه فعل ذلك لتحقق مدلول ما أمر به من قيام الليل على الوجه الأتم، لا للأمر به بخصوصه، ويمنع تعقبه أيضًا بقوله؛ "فإذا فعله عن أمره، هو من باب السعادة لا من باب الشفاء" بل هو التباس، إذ الرد على أنه من باب الشقاء، بمعنى إتعاب النفس على هذا، لا ينافي أن الإتعاب المذكور للسعادة، وإنما يقال من باب السعادة لا الشقاء على الوجه الذي قبله في الرد على أبي جهل ومن معه، هكذا أملاني شيخنا. "وثالثها: قال بعضهم" ظاهره أنه سبب لنزول الآية، لقوله أولًا: ذكروا في سبب نزلوها أقوالًا ولا كذلك، فإنما هذا فهم في الشقاء، إذ السبب لا يكون احتمالًا، بل نقل مجرد، وقد