للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

...........................................


إِذَا سَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: ١] .
وروى سعيد بن منصور والفريابي، عن جندب، قال: أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد ودع محمد، فنزلت وهذه المرأة هي العوراء أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب.
روى الحاكم برجال ثقات عن زيد بن أرقم، قال: مكث صلى الله عليه وسلم أيامًا لا ينزل عليه، فقالت أم جميل امرأة أبي لهب: ما أرى صاحبك إلا قد ودعك وقلاك، فأنزل الله: {وَالضُّحَى............} الآيات.
وفي الصحيح أيضًا، عن جندب: قالت امرأة: يا رسول الله ما أرى صاحبك إلا أبطأ عنك، فنزلتك {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} .
قال الحافظ: هي زوجته خديجة، كما في المستدرك أيضًا، وأعلام النبوة لأبي داود وأحكام القرآن للقاضي إسماعيل، وتفسير ابن مردويه من حديث خديجة نفسها، فخاطبته كل واحدة منهما بما يليق بها.
وروى سنيد في تفسيره: أن قائل ذلك عائشة، وهو باطل؛ لأنها لم تكن إذ ذاك زوجة.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن شداد أن خديجة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أرى ربك إلا قد قلاك، فنزلت.
وأخرج أيضًا عن عكرمة: أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، فجزع جزعًا شديدًا، فقالت خديجة: إني أرى ربك قد قلاك مما ترى من جزعك، فنزلت وكلاهما مرسل، رجاله ثقات.
قال الحافظ: والذي يظهر أن كلًا من أم جميل وخديجة قالت ذلك، لكن أم جميل قالته شماتة، وخديجة قالته توجعًا.
وروى ابن أبي شيبة والطبراني بسند فيه من لا يعرف عن خولة خادم رسول الله صلى الله عليه سولم أن جروًا دخل بيته تحت السرير، فمات، فمكث صلى الله عله وسلم أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي، فقال: "يا خولة، ما حدث في بيت رسول الله، جبريل لا يأتيني"، فقلت في نفسي: لو هيأت البيت وكنسته، فأوهيت بالمكنسة تحت السرير، فأخرجت الجرو، فجاء صلى الله عليه وسلم ترعد لحيته، وكان إذا نزل عليه أخذته الرعدة، فأنزل الله: {وَالضُّحَى} إلى قوله: {فَتَرْضَى} ".
قال الحافظ: قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة، لكن كونها سبب نزول الآية غريب، بل شاذ مردود بما في الصحيح.
{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} ؛ لأنها باقية، خالصة من الشوائب، وهذه فانية، مشوبة بالمضار، واللام لابتداء مؤكدة، أو جواب قسم، ففيه تعظيم آخر، أي: كما أعطاك في الدنيا

<<  <  ج: ص:  >  >>