للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرفه عليه الصلاة والسلام بثلاثة أشياء وهي: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَك} أي: ألم نفسحه حتى وسع مناجاة الحق ودعوة الخلق، {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَك} أي عناءك الثقيل {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ، وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} وهكذا سورة سورة، حتى قال: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} أي أعطيناك هذه المناقب المتكاثرة التي كل واحدة منها


المصنف من أحواله بقية السورة، مع أنها خطاب له لعدم دلالتها على مدحه صريحًا، إذ ليست أوصافًا قائمة به يمدحه بتعدادها، ولا صفات كمالية قائمة به، ولا على تعداد النعم التي أنعم بها عليه، وإنما هي أمر له ونهي، وكلاهما لا يعد من النعم الصريحة، وإن ترتب عليه الامتثال بفعل المأمور وترك المنهي، وهما من أعظم النعم، ولا يرد، قوله أولًا جعل سورة والضحى في مدح نبينا؛ لأن المراد معظمها، أو كلها، ولكن ما تركه هنا مستلزم للكمال؛ لأن كونه منهيًا مأمورًا مقتض لامتثاله، وهو كمال استلزامًا لا صراحة.
"ثم ذكر في سورة: {أَلَمْ نَشْرَح} ، أنه تعالى شرفه عليه الصلاة والسلام بثلاثة أشياء، وهي: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} ، استفهم عن الشرح على وجه الإنكار مبالغة في إثبات الشرح، فكأنه قيل: شرحنا، ولذا عطف عليه، ووضعنا اعتبارًا للمعنى، قاله الكشاف.
قال الطيبي: أي: أنكر عدم الشرح، فإذا أنكره ثبت؛ لأن الهمزة للإنكار، ولم نفي إذا دخل عليه النفي عاد إثباتًا، ولا يجوز جعل الهمزة للتقرير. انتهى. أي: لأن التقرير سؤال مجرد، إذ هو حمل المخاطب على الاعتراف بأمر استقر عنده ثبوته، أو نفيه، فلا يحسن، عطف ووضعنا عليه، "أي: ألم نفسحه حتى وسع مناجاة الحق، ودعوة الخلق" فالمراد به ما يرجع إلى المعرفة والطاعة، فكأنه قيل: ألم نفتح ونوسع صدرك بالإيمان والنبوة، والعلم والحكمة، وبه جزم البغوي، وتقدم غير ذلك.
{وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَك} أي: عناءك" "بفتح المهملة والمد" أي: خضوعك "الثقيل" القوي الذي كنت فيه قبل ظهور أمرك، أو المشقة التي كنت فيها بمعاداة الكفار لك، فوضعنا ذلك بإظهارك عليهم بقتل من قتل، وهداية من اهتدى، فالعناء يكون بمعنى الخضوع، وبمعنى المشقة، {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} : أثقله، ويأتي للمصنف في النوع العاشر معنى الآية {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} مر الكلام عليه، "وهكذا سورة سورة حتى قال: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} ، أي: أعطيناك هذه المناقب" جمع منقبة "بفتح الميم" الفعل الكريم، كما في المصباح.
وفي المختار بوزن المتربة ضد المثلثة، انتهى، فالقاف مفتوحة، فقراءته بكسرها على هذا خطأ، "المتكاثرة، التي كل واحدة منها أعظم من ملك الدنيا بحذافيرها" بأسرها، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>